رحبت المملكة بتدشين مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، وأعلنت مساهمتها بمبلغ عشرة ملايين دولار لتغطية ميزانيته لثلاثة أعوام، مؤكدة مساندتها لجميع الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية رئيس وفد المملكة إلى اجتماعات الدورة ال66 لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك الأمير سعود الفيصل أمس، في حفل تدشين مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب الذي دعا إلى تأسيسه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وأكد الأمير سعود الفيصل أن تدشين مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، يأتي تتويجا لمقاصد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي استضافته الرياض خلال فبراير 2005 بحضور ومشاركة ما يقارب من 60 دولة، والعديد من المنظمات الإقليمية والدولية، وما نجم عنه من توصيات دعت إلى تعزيز الجهود الوطنية والعالمية من أجل التصدي الفعال لمواجهة هذه الظاهرة والقضاء عليها، ومن ذلك تأييد مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأممالمتحدة الذي حظي بتأييد واسع من قبل المنظمات الدولية والإقليمية كحركة عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، والقمة العربية اللاتينية، والحوار الآسيوي الشرق الأوسطي «آميد» وتمت الإشارة إليه في استراتيجية الأممالمتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب. وقال إن من شأن هذا المركز أن يشكل أول مؤسسة أممية متخصصة في مكافحة الإرهاب، باعتباره من أهم التحديات التي تواجه المجتمع الدولي، والمملكة من جانب آخر لن تتوانى عن دعم أي جهد دولي لمكافحة هذه الآفة الخطيرة، انطلاقا من عقيدتها وثقافتها وتراثها وسياستها المناهضة للإرهاب والرافضة له، بكل أشكاله وصوره وأيا كانت أهدافه أو جنسيته أوالعقيدة التي ينتمي إليها، معبرا عن أمله أن يساهم هذا المحفل الذي تمثل فيه جميع دول العالم، في التعريف بظاهرة الإرهاب دون انتقائية أو ازدواجية ومعالجة أسبابه واجتثاث جذوره، ومكافحته بكل حزم لدعم الاستقرار والأمن الدوليين. وأوضح وزير الخارجية أن النرويج التي ما فتئت تقف إلى جانب تحقيق الأمن والسلم في العالم وقيم العدل والمساواة، لم تسلم من هذه الأعمال الإرهابية ولم تكن بمنأى عنها، مؤكدا إدانة حكومة المملكة الشديدة لهذه التفجيرات الإرهابية الشنيعة التي أودت بحياة العديد من الضحايا الأبرياء، وتتقدم ببالغ العزاء والمواساة للنرويج حكومة وشعبا ولأسر الضحايا. وأضاف «إن هذه التفجيرات أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنه لا توجد أي دولة في العالم بمنأى عن الإرهاب، وأكدت مجددا أن الإرهاب لا دين ولا مجتمع ولا عرق له، كما أن هذه الأعمال المشينة لا يمكن أن تمثل بأي صفة كانت قيم ومبادئ الدين أو المجتمع الذي ينتمي إليه الإرهابيون». وتابع الأمير سعود الفيصل «إن الإسلام لا تمثله فئة ضالة من المسلمين، احترفت الإرهاب، وسعت إلى خلق انشقاق بين المسلمين وسائر الحضارات الإنسانية، بل يمثله ما يقارب المليار ونصف مسلم حول العالم، وحضارة إنسانية ل14 قرنا من الزمان، وقيم تنبذ الإرهاب والتعصب وتحث على المحبة والسلام والوئام، وتنتهج مبدأ التسامح والتعاون مع الحضارات والأديان والمعتقدات، لا التصارع والتناحر فيما بينها، إن هذا النهج أكده خادم الحرمين الشريفين في مبادرته الضافية للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، ترسيخا لهذا المبدأ، وتأكيدا لهذا النهج». وبين وزير الخارجية أن المملكة عانت مثلها مثل العديد من دول العالم، من العمليات الإرهابية، وتعاملت معها بكل صرامة وجدية، ساندها في ذلك الشعب السعودي الذي وقف صفا واحدا مع قيادته في محاربة هذه الظاهرة الدخيلة على الوطن، والمنافية لمعتقداته وثقافته، ولم تقتصر سياسة المملكة على التعامل أمنيا مع هذه الظاهرة، بل اتسمت بالشمولية في التعامل مع الفكر الضال المؤدي إليها، وقطع كل سبل التمويل عنها. وأشار إلى أن ما حققته المملكة من خطوات في مجال مكافحة الإرهاب، وما تقوم به العديد من دول العالم في هذا الشأن على المستوى الوطني، يظل في حاجة إلى جهود إقليمية ودولية موازية تعمل على تفكيك شبكاته وخلاياه، وذلك عبر تنفيذ أحكام القانون الدولي والقرارات الدولية ذات الصلة بحظر ارتكاب الأعمال الإرهابية أو تمويلها أو التحريض عليها أو الاشتراك فيها أو حماية مرتكبيها، وتؤكد على أهمية اعتماد إجراءات مدروسة بدقة في هذا الإطار. وتابع «يحدونا الأمل أن يسهم المركز في تحقيق هذه الغايات، وتقوية دور الأممالمتحدة في مكافحة الإرهاب، والعمل جنبا إلى جنب مع لجان الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب وزيادة فعاليتها والتنسيق معها» .