ظلت الأوساط السياسية المصرية مشغولة طوال الأيام الأخيرة بالقرار الذي اتخذه القضاء العسكري بإحالة الناشطة أسماء محفوظ، التي تعتبر واحدة من أبرز وجوه «ثورة 25 يناير»، إلى محكمة عسكرية بتهمة «الإساءة إلى المجلس العسكري وإهانة القوات المسلحة» دون تحديد موعد بدء المحاكمة. وحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، فإن أسماء محفوظ «تحدثت بشكل غير لائق عن القوات المسلحة والمجلس العسكري، ووجهت إهانات مشينة وألفاظا جارحة ضد المجلس» عبر ما تكتبه على صفحتيها بموقعي «فيسبوك» و«تويتر» الاجتماعيين على شبكة الإنترنت، وما تدلي به من تصريحات لبعض قنوات التليفزيون. وكانت أسماء «26 عاما» عضوا مؤسسا في حركة «السادس من إبريل» الشبابية صاحبة الدعوة، مع حركة «كلنا خالد سعيد» التي أسسها الناشط البارز الآخر وائل غنيم، إلى تظاهرات 25 يناير التي تحولت إلى ثورة انتهت بإسقاط الرئيس السابق حسني مبارك، 11 فبراير الماضي. واستقالت أسماء من الحركة بعد سقوط مبارك. وأكدت الناشطة السياسية عضو حزب التيار المصري تحت التأسيس بعد إخلاء سبيلها، أن التحقيقات التى جرت معها فى القضية رقم 55 لسنة 2011 بمقر النيابة العسكرية إجراء سياسي الغرض منه توجيه رسالة للنشطاء، خاصة بعد التحقيق مع العشرات منهم، في مقدمتهم لؤي نجاتي. وتركزت على أنها تطاولت على المجلس العسكري، مؤكدة أن ما حدث أنها انتقدت حالة الركود والتباطؤ فى تنفيذ مطالب الثورة وليس المجلس، وقالت إنها نفت جميع التهم المنسوبة إليها، مشيرة إلى أنها خرجت بكفالة 20 ألف جنيه مع استمرار التحقيق معها في الاتهامات المنسوبة إليها. وجمعت مجموعة من شباب الثورة مبلغ الكفالة من بينهم، ورفضوا العروض التى تقدم بها عدد كبير لدفعها. وقال الشباب إن ذلك حقها عليهم، ورفضوا الإفصاح عن الذين شاركوا فى دفعها. وكانت الناشطة الحاصلة على بكالوريوس إدارة الأعمال من جامعة القاهرة قالت في اتصال هاتفي خلال برنامج تليفزيوني إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تواطأ في هجوم بلطجية على ألوف من المحتجين خلال مشاركتهم في مسيرة اتجهت إلى مقر المجلس في شمال القاهرة. وقالت عن اثنين من أعضاء المجلس إنهما يكذبان. ونسب إليها أيضا القول «آه يا مجلس كلاب». كما نسب إليها القول على صفحتها بموقع فيسبوك بعد أولى جلسات محاكمة مبارك بتهم تتصل بقتل المتظاهرين واستغلال النفوذ: «من الآخر، لو القضاء ما جابش حقنا، محدش يزعل لو طلعت جماعات مسلحة وعملت سلسلة اغتيالات طالما ما فيش قانون وما فيش قضاء.. محدش يزعل». واعتبرت النيابة العسكرية هذه العبارة ترويجا للعنف وتحريضا عليه ودعوة للقيام بعمليات مسلحة واغتيالات ضد المجلس العسكرى والقضاء. وأصدر رئيس هيئة القضاء العسكري اللواء محمود المرسي بيانا بعد انتهاء التحقيق أكد فيه أنه «لا تساهل مع إهانة القوات المسلحة». وفي رده على التهم الموجهة لأسماء محفوظ، أوضح خبير القانون حسام عيسى، الذي تطوع للدفاع عنها أثناء التحقيق، أن «بعض العبارات التي نسبت إليها على موقع تويتر لم تكتبها، وإنما تمكن مجهولون من اختراق حسابها وكتابتها». وأضاف «أوضحت للمحقق، الذي تعامل معنا باحترام شديد، أن هناك فارقا بين انتقاد القوات المسلحة وانتقاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فالجيش المصري له موقع رفيع وغال في قلوب المصريين جميعا، أما المجلس الأعلى فهو يمارس وظيفة مهنية مدنية، وهي حكم مصر. والاختلاف معه ليس اختلافا مع الجيش وإنما اختلاف سياسي». وتابع «أوضحت أن ما كتبته أسماء على فيسبوك ليس دعوة للعنف ولا الاغتيالات، وإنما هي فقط تعبر عن مخاوفها، وهذا لا يشكل جريمة». وأضاف أنه قال في التحقيق: «ليست هناك قضية في واقع الأمر، وهذه شابة صغيرة ويمكن أن نفهم انفعالها». وأعرب عيسى عن أمله بأن تتوقف التحقيقات خلال شهر رمضان، «خصوصا أن هؤلاء الشباب حرروا مصر من حسني مبارك» .