حذرت وكالة الطاقة الدولية أمس من أن نمو الطلب العالمي على النفط قد ينخفض بأكثر من النصف إذا جاء نمو الاقتصاد العالمي دون المتوقع في 2012. تأتي تلك التحذيرات في الوقت الذي توقع فيه اقتصاديون ومحللون ماليون، أن موجة من الركود في الاقتصاد العالمي، سوف تجتاح المنطقة في ظل عدم مقدرة دول الاتحاد الأوروبي من الخروج عن أزمتها الحالية، إضافة إلى استمرار المؤشرات السلبية لمستقبل الاقتصاد الأمريكي، إضافة إلى الأوضاع السياسية غير المستقرة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط. ورغم ذلك قلل محللون ومستشارون ماليون في السعودية، من تأثيرات سلبية على الحراك الاقتصادي الذي تشهده السعودية في الوقت الجاري، غير مستبعدين انخفاض الطلب العالمي على النفط في العام المقبل، في حال استمرار الأوضاع الاقتصادية سيرها في الاتجاه السلبي، مع الاعتماد الكبير على المدخولات النفطية في تلبية الاحتياجات الداخلية لتغطية النفقات في المشاريع المختلفة والمصروفات. وأكد المحلل والمستشار المالي الدكتور مطشر المرشد، أنه على الرغم من التأثيرات السلبية الواضحة التي سوف تتعرض لها مختلف الاقتصاديات العالمية جراء سوء الأوضاع المالية للدول الكبرى، إلا أن السياسات الاقتصادية في السعودية التي اتخذت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أبقت الاقتصاد على استقرار بسبب حجم الاحتياطي الذي تملكه، واستمرار الطلب العالمي على النفط، رغم تذبذب أسعاره في الفترة الأخيرة، إلا أنه ما زال يلبي احتياجات مختلف القطاعات ويدعم من خلال إيراداته المشاريع الحكومية التي أقرتها الدولة وبخاصة في العام الجاري. وأشار المرشد الى أن حجم المشاريع التي تم اعتمادها في السعودية للسنوات الثلاث المقبلة، تم رصد ميزانياتها وأخذ معظمها التحوط من التأثيرات العالمية وتقلبات الأسعار، وتم اتخاذ مختلف الاحتياطيات المالية لتغطية أي تقلبات في أسعار مواد البناء العالمية. يشار إلى أن حجم المشاريع المطورة في السعودية، خصوصا في القطاعات المرتبطة بالبنية التحتية مثل مشاريع الطرق والجسور وشبكات المياه والكهرباء ومشاريع النفط والغاز سيكون لها نصيب الأسد في المشاريع العقارية الكبرى التي تطورها الحكومة، والتي سيكون لها أثر في استقطاب الشركات الأجنبية والمقاولين لإنجازها، وبحسب المحللين الماليين السعوديين، فإن حجم الاستثمارات الخارجية المباشرة في القطاع العقاري السعودي يقدر بنحو 36 مليار دولار، في حين يقدر إجمالي قيمة المشاريع العقارية الجاري تنفيذها حاليا بما يزيد على 500 مليار دولار، مما يجعل المملكة من أهم وأكثر الجهات تفضيلا بالنسبة للمستثمر العقاري الإقليمي والعالمي. من جانب آخر أشار المحلل الاقتصادي الدكتور وليد الجفري، إلى أن المناخات الاقتصادية السلبية التي تخيم على المنطقة، يجب أن تكون لها تبعات وتأثيرات سلبية على السعودية، في السياسات الاقتصادية العامة للمرحلة المقبلة، ونظرة الحكومة في اعتماد مشاريع تنموية جديدة للعام 2012. إلا أنه استدرك «السياسة الاقتصادية التي تنتهجها السعودية والفائض في الميزانية العامة للدولة من خلال الارتفاع الكبير لأسعار النفط، سيعوض بلا شك أي تراجع في النمو أو حجم المشاريع، مؤكدا أن السعودية قادرة على تجاوز المتقلبات العالمية لأسعار النفط وضعف الطلب المتوقع خلال العام المقبل، من خلال تحديد حجم المشاريع الأساسية التي يجب أن تعمل على إطلاقها، إضافة إلى توسيع مشاركة القطاع الخاص في هذه المرحلة». ووفقا للتقديرات الحالية قلصت الوكالة توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2011 بواقع 60 ألف برميل يوميا إلى 1.2 مليون برميل يوميا نتيجة ارتفاع أسعار النفط وتباطؤ النمو الاقتصادي. لكنها رفعت توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2012 بواقع 70 ألف برميل يوميا إلى 1.61 مليون برميل يوميا وذلك جزئيا نتيجة ارتفاع احتياجات اليابان من الكهرباء من محطات تعمل بالنفط.