* كاتب بصحيفة ال «ديلي تليجراف» البريطانية أثارت تصريحات رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون الأخيرة أثناء زيارته إلى باكستان الكثير من علامات الاستفهام. فقد اعتذر كاميرون عن الدور الذي قامت به الامبراطورية البريطانية، التي كانت لا تغرب عنها الشمس إبان الحقبة الاستعمارية، واعتبرها مسؤولة عن الوضع القائم حاليا في إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان. وبالفعل كانت تصريحات كاميرون «متسرعة ولا تستند إلى معلومات دقيقة». وكان رئيس الوزراء يسعى دون شك لإرضاء الجمهور المتشكك وربما العدائي، الغاضب من وجودنا العسكري في أفغانستان؛ بل يكون أيضا قد وجد نفسه في منتصف رحلة طويلة وشاقة حملته من لندن إلى إسلام أباد، وربما شعر بالتعب والإرهاق وفقد التركيز. والشىء المعروف أن وظيفة رئيس الوزراء البريطاني، وكاميرون يدرك هذا تمام الإدراك، هي الوقوف إلى جانب بلاده وهو في الخارج ويبعدها عن مواقف الإحراج والاتهام. وربما كان من الأفضل لو أشار إلى أننا «أعطينا باكستان، بل وبقية العالم، الكثير من الأشياء الرائعة مثل الديمقراطية البرلمانية، أنظمة الري الحديث، الطرق الممتازة، سيادة القانون، واللغة الإنجليزية، وأخيرا وليس آخرا، لعبتي الكريكيت وكرة القدم». ولكن بدلا من ذلك، لجأ كاميرون إلى سياسة الاعتذار. لماذا إذن الاعتذار؟ ويمثل الاعتذار عن أحداث في الماضي البعيد إشكالية مدمرة، حتى عندما يكون له ما يبرره من الحقائق التي لا تقبل الجدل. وأحداث الماضي «لا يمكن تغييرها». والاعتذار من هذا النوع يمكن «أن يصبح ضارا. لأنه يشجع ثقافة الضحية». وليس من الممكن الاعتذار عن أحداث التاريخ بأثر رجعي، ما يجعلنا نتهم كاميرون بالجهل بالموضوع الذي تحدث فيه وكأنه يقفز في حقل ألغام. وأخيرا فإن الماضي الإمبراطوري البريطاني مسألة معقدة، وإن من المغري دائما لرئيس الوزراء البريطاني خلال وجوده في الخارج الاستجابة لأي استفزاز وإدانة بلده للحصول على شعبية في المنطقة التي يتواجد فيها. وفي إسلام أباد، دعا كاميرون إلى «انطلاقة جديدة» في العلاقات بين المملكة المتحدةوباكستان.