طرح تقرير للاتحاد الأوروبي أمس صورة واضحة للخيارات السياسية التي يواجهها الاتحاد، حيث ينذر ارتفاع مستوى الأعمار وانخفاض معدلات الخصوبة بوصول عدد السكان الذين يبلغون سن المعاش إلى ما يقارب الضعف بحلول عام 2060. وتوقع تقرير ديموجرافية الاتحاد الأوروبي أن يرتفع عدد السكان الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاما وأكثر إلى 30 % من إجمالي عدد السكان عام 2060 مقابل 17.4 % في 2010. وقالت المفوضية الأوروبية في بيان لها إن «الحاجة إلى تكييف السياسات الأوروبية مع هذه التطورات باتت أوضح من أي وقت مضى». وقال أحد واضعي التقرير طلب عدم ذكر اسمه إن هذه الظاهرة في الأساس هي نتيجة لحقيقة أن ما يسمى ب «جيل طفرة المواليد»، وهو الجيل الذي ولد خلال فترة ما بعد الحرب، يقترب من سن التقاعد. وقال المصدر الأوروبي «حتى ثلاثة أعوام مضت كان لدينا مليون شخص يصلون لسن الستين سنويا. ومنذ ذلك الحين، ارتفع الرقم إلى مليونين وكل عام لدينا مليونا شخص يصلون إلى سن الستين». كما ذكرت الدراسة أيضا أن متوسط الأعمار يتزايد بمعدل اثنين إلى ثلاثة أشهر سنويا، وأن آخر أرقام للاتحاد الأوروبي في 2008 تظهر أن متوسط أعمار الإناث بلغ 82.4 عام بينما يبلغ متوسط أعمار الذكور 76.4 عام. في الوقت ذاته، يظل معدل الخصوبة البالغ 1.6 طفل لكل سيدة أقل من «معدل الاستبدال» الذي يبلغ 2.1 وهو المعدل المطلوب للحماية من تراجع أعداد السكان. كما حذر التقرير من أن زيادة معدلات الهجرة لن تكون كافية للحيلولة دون تراجع شامل في المعدلات السكانية. ويتوقع أن تتضاعف حصة المهاجرين من إجمالي عدد السكان إلى 26 % عام 2060 مقابل 13 % عام 2008. وكان تقرير سابق للأمم المتحدة صدر عام 2001 قدر أن دول الاتحاد الأوروبي التي كان يبلغ عددها آنذاك 15 دولة بحاجة إلى السماح بتدفق 47.5 مليون مهاجر إلى حدودها للحفاظ على ثبات عدد السكان. يشار إلى أن هذا العدد أكبر بكثير من العدد الذي يتوقع أن يتم السماح له بدخول الاتحاد الأوروبي في ظل السياسات الحالية. ودعا مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاجتماعية لازلو أندور الاتحاد إلى «تأسيس توازن أفضل بين العمل والحياة» من أجل دعم العمالة البالغة بالأطفال ومن أجل رسم سياسات «لتشجيع الأوروبيين على أن يبقوا ناشطين لفترة أطول». ولم يقدم أندور اقتراحات محددة مثل رفع الحد الأدنى للمعاش وهو موضوع ذو حساسية سياسية تتم مناقشته في العديد من دول الاتحاد الأوروبي. هذا في الوقت الذي اضطرت بعض الدول الأوروبية إلى رفع سن التقاعد إلى 65 عاما لكي تبقي على نسب العاملين مرتفعة وتواجه البطالة التي بدأت في الانتشار في مختلف دول القارة العجوز؛ ولذلك بات لزاما على العديد من دول الاتحاد الأوروبي إصلاح أنظمتها المعاشية وتكييفها مع أسواق العمل. وما زاد الطين بلة أن نظام الخدمات الاجتماعية لابد من تطويره وإلا فإنه سيرزح تحت ضغوط تزيد من الأعباء الاقتصادية للدول الأوروبية. يذكر أن تعداد سكان الاتحاد الأوروبي يقف حاليا عند نحو 500 مليون نسمة، يتوقع ارتفاعه إلى أكثر من 520 مليون نسمة عام 2035، ليعود وينكمش عند 505 ملايين نسمة بحلول عام 2060