«الجيد يفرض نفسه» مقولة دائما نرددها للتعبير عن الأشخاص المتقنين لعملهم أو المنتجات ذات الجودة العالية. هذه المقولة قد لا يكون لها مكان عند نسبة كبيرة من رواد الأعمال خصوصا الذين يدخلون السوق لأول مرة بسبب عدة عوامل من أهمها الإحساس بضغط متواصل من أن وراءه دينا يثقل كاهله ويقض مضجعه ويجب سداده في وقت محدد. ضغط الدين المتواصل يجعل رواد الأعمال يتنازلون عن الكثير من عوامل الجودة رغبة في تعظيم الربح وأملا في التخلص من الدين بأسرع وقت ممكن. هذا التنازل قد يكون مفيدا الآن ولكن تبقى آثاره السيئة المستقبلية حجر عثرة في تغيير نظرة الزبون عن المنشأة أو المنتج، ولهذا يقال إن السنتين الأوليين من عمر أي مشروع هما الأصعب والأكثر تعقيدا. الجودة لا تتأتى بالتمني ولن تحصل عليها المنشأة بمجرد الحديث عنها بل إن على أفرادها ابتداء من رئيسها في أعلى قمة الهرم إلى العاملين في مواقع العمل العادية وفي شتى الوظائف أن يتفانوا جميعا في سبيل الوصول إلى الجودة المنشودة. تنقسم الجودة إلى قسمين؛ فني وإداري. يكمل الاثنان بعضهما بعضا للوصول بالمنشأة إلى مستوى تستطيع معه الحصول على حصة سوق كبيرة وثابتة. وتعتبر الجودة الفنية المرتكز الذي تقوم عليه المنشأة وتنقسم إلى قسمين رئيسيين: إلأول: جودة التصميم، وتعني جودة العملية التصميمية من حيث الخامات والمستلزمات واختيار عملية التصنيع والأبعاد والتعبئة والتغليف والتداول بحيث تأتي السلعة مطابقة تماما لاحتياجات المستهلك النهائي. الثاني: جودة التنفيذ أو التصنيع وتعني سلامة ودقة العمليات الإنتاجية أثناء عملية التصنيع والتشغيل. وجود منشأة تنتج سلعا وخدمات بجودة فنية عالية وبدون عيوب لا يعني أن جودتها الإدارية مميزة، فمثلا المنتج الجيد الذي يُسَلَّم في غير ميعاده يمكن أن يكون له تأثير سلبي حاد في كل من المشتري والبائع. إن الإصرار على الجودة الفنية والإدارية للسلع والخدمات قد لا تكون مريحة للمنشأة في البداية ولكنها تؤصل تواجد المنشأة ومنتجاتها في سوق عالية المنافسة، واسمحوا لي أغير في المقولة لتصبح «الجيد يفرض نفسه لكن بعد حين». * استشاري في الأعمال الصغيرة والمتوسطة والشركات العائلية