طالما حيرت الشمس وتوهجها عقول البشر، وطالما ربط كثير من علماء الفلك والمتخصصين شدة حرارتها أو نقصانها إلى عوامل خارجية أثرت في الشمس، ولكن دراسة جديدة أجراها علماء متخصصون في الطاقة الحرارية الصادرة من الشمس توصلوا إلى تلك الأسباب بعدما راقبوا البقع الشمسية الهائلة التي كانت تظهر على سطح النجم الذي يدور كوكبنا حوله ويستمد منه الدفء والطاقة، ورصد علماء الفلك الانفجارات الشمسية وكذلك بقع الشمس التي هي على شكل بقع سوداء تظهر أحيانا على سطح الشمس باستخدام الآلات والمراصد الفلكية. كشف فريق من علماء من الهند وأمريكا أن سبب ظهور الشمس بلا بقع في الصور الفلكية هو تركيبة معينة لما يشبه الدينامو بداخلها. وفسر العلماء في دراستهم التي نشرت نتائجها الأربعاء الماضي في مجلة «نيتشر» العلمية هذه البقع التي تعكس الحد الأدنى من نشاط الشمس منذ نحو 100 عام بوجود دورة للغاز الساخن المشحون كهربائيا «البلازما» تتحرك من الشمال إلى الجنوب. ويتذبذب نشاط الشمس بوتيرة زمنية تقارب عشر سنوات. وتعتبر البقع الشمسية من بين الدلائل على وجود هذا النشاط، حيث تنتج هذه البقع بسبب مجالات مغناطيسية داخل الشمس والتي تعمل على تماسك هذه البلازما المشحونة كهربائيا. ويؤدي ذلك إلى برود الغاز الساخن بشكل خفيف مما يجعله يظهر بشكل داكن أكثر من غلافه المحيط به. ووصلت الدورة الشمسية الماضية والتي أعطيت رقم 23 ذروتها عام 2001 ثم سجل علماء الفلك أعلى عدد من الأيام التي شهدتها الشمس من دون بقع منذ بدء الحصر الفلكي في العصر الحديث. وكان هذا التدني في نشاط الشمس واضحا بشكل كبير. في هذه الأثناء عاود نشاط الشمس الارتفاع. وللوقوف على السبب وراء التدني الواضح في نشاط الشمس قام الباحثون تحت إشراف العالم الهندي ديبيندو ناندي بمحاكاة أكثر من 210 دورات نشاط شمسية باستخدام الحاسوب معتمدين في ذلك بشكل رئيسي على دورة البلازما الشمسية المشحونة كهربيا والتي تولد مجالات مغناطيسية شبيهة بمجالات الدينامو. وتبين من خلال هذه المحاكاة وجود دورة سريعة شمالية جنوبية للبلازما الشمسية في النصف الأول من دورة نشاط الشمس تليها مرحلة أبطأ في النصف الثاني والتي تؤدي إلى حد أدنى من البقع الشمسية. وأكد العلماء أنه على الرغم من أن التدني الملحوظ في الدورة الشمسية الماضية لم يكن طبيعيا إلا أنه ليس حالة فردية، حيث يمكن أن تتكرر هذه الوتيرة في نشاط الشمس مستقبلا. وشدد العلماء على أهمية هذه المعلومات بالنسبة للتنبؤ بما يعرف بالطقس الفضائي لأن نشاط الشمس يؤثر في الأرض. فتذبذب نشاط الشمس لا يؤدي فقط إلى تذبذب كثافة الإشعاع بل يؤثر أيضا في تكرر اندلاع الغازات الذي ينتج عنه قذف سحب بلازما كبيرة في الفضاء. فإذا وصلت مثل هذه «العاصفة الشمسية» الأرض فإن إحدى عواقب ذلك يمكن أن تكون تعطل أقمار صناعية وشل شبكات كهرباء وكذلك وقف الاتصالات اللاسلكية وتوقف حركة الطيران. يذكر أن الشمس هي أقرب النجوم إلى الأرض، وأن طبيعة شمسنا ككرة غازية ملتهبة بدلا من أن تكون جسما صلبا جعل لها بعض الحقائق العجيبة منها: أنها تدور حول محورها بطريقة مغايرة تماما لطريقة دوران الكواكب الصلبة، فوسط الشمس «خط استوائها» يدور حول المحور دورة كاملة في 25 يوما بينما تطول هذه المدة في المناطق شمال وجنوب خط الاستواء حتى تصل إلى نحو 37 يوما عند القطبين، ويشع السنتيمتر المربع من سطح الشمس ضوءا يوازي قوة مليون شمعة .