يدور الجدل دائما في الأوساط المهتمة حول بروز خريجي جامعة معينة أو مدينة يتاح لأبنائها أو خريجيها الوصول إلى مستويات من المسؤولية من خلال طرق مهدها لهم من قبلهم وبالتالي تحول ذلك الطريق إلى عراقيل لغيرهم من خريجي الجامعات أو المدن الأخرى. وقد تم تداول هذه الأطروحة في بعض وسائل الإعلام، وقد رجح بعضهم أن تلك سابقة استحوذ عليها الأوائل فبات من الصعب أن يتركوها لغيرهم إلا من استطاع أن ينفذ بينهم بسلطان في ظل عدم وجود محاسبة لهذه التجاوزات التي تكاد تتحول إلى ظاهرة تضعف بالتأكيد المعايير الموضوعية والمهنية والكفاءة في الاختيار وتضيق من المساحة التي تتيح الفرص للجميع وقد تتسبب في إحباط المواهب وخسران الكيانات الإدارية لخدماتها ما دامت المعايير مبنية على أساس عاطفي يختلف عن الواقع الذي يتطلبه العمل. يظهر ذلك في احتفائيات خاصة أو إنشاء لجان أو رابطات للخريجين يتفاخرون بأن خريجي جامعتهم أو مدرستهم تبوءوا مناصب مرموقة ما يثير تساؤلا عما إذا كانت مناهج تعليمهم متميزة أو أن جميع طلبتها نبيهون ومن ذوي القدرات الخارقة وكلها أمور بالطبع مستبعدة، ما يؤكد أن العملية مبنية على التعاطف الذي قد يتحول مع الزمن والتوارث إلى تعصب مقيت. لذا يجب أن ننبذ مثل هذا التحزب الذي يضر بالأجهزة الإدارية ويدعو إلى نشوء ردة فعل مضادة من خارج الدائرة المغلقة، وأن نفتح مساحات العطاء للجميع من خريجي الصروح العلمية والمشارب المتنوعة، وأن تكون هناك جهات تراقب حدود هذه الظاهرة وترصد تحركاتها وتحاصرها وتعاقب من يتجاوز على الحقوق العامة التي تكفل العدالة وتكافؤ الفرص وإن لم نستطع فلا نستغرب ممن يصر على أن يلحق ابنه في جامعة محددة أو من يستخرج هويته المدنية من منطقة معينة، وقد حدث ذلك ولكن يجب أن نعالج دواعيه.