لأننا مسلمون بسيطون، نخاف الله، ونخشاه ونرجو رحمته، ونتلمس طريقنا إليه مهتدين بكتابه وسنة نبيه المصطفى، ونجل العلماء ونقدرهم، وهم ورثة الأنبياء، سخروا أنفسهم لهذا الدين وخدمته، بعيدا عن السخرية بهم، أو التقليل من شأنهم، هم علماء درسوا وفقهوا، فاجتهدوا لنكون إلى الله أقرب، وفي دنيانا ولوطننا أصدق وأطيب، ولكنهم ليسوا سواء، فهناك منهم أفاضل، وأنصاف ومتكلسون وغيرهم، فليس كل العلماء علماء، كما جاء في الحديث الشريف الصحيح «إن الله لا ينزع العلم انتزاعا من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا». أذكر صغيرا كيف كان الانتساب إلى جماعة التوعية الإسلامية جواز مرور للنجاح وحصد الدرجات، وكفارة غياب عن تقصير دراسي في ظل انتشار موضة الشريط الإسلامي، ومشايخ لمعوا كثيرا، بمحاضرات عن «أسباب سقوط الدول» و «مشاهداتي في يوغوسلافيا» والأشهر على الإطلاق «أولئك هم الصابرون»، موجة علت كثيرا أصوات العقل والوطن والدين، لتجرف معها أسرا عديدة فقدوا أبناءهم حين خرجوا باحثين عن الحور العين، شباب خرج عن الطريق ولم يعرف كيف يعود، جرفتهم حماسة وغيرة الشباب، فمن تحمل ذنب هؤلاء؟ تأخر الوقت إلى أن عرفنا أن الفكر أدعى وأخطر، فكر منحرف، يجرف العديد خلفه، ثم يعلن أنه في مرحلة جديدة و «عفا الله عما سلف»، ليفتي في السياسة والاجتماع، ويصدر صكوك الغفران والتزكية كما يريد، فنحن في عصر جديد، عصر التليفزيون والإنترنت وتويتر. واليوم هو «داعية»، هذه الصفة جواز مرور لكل من يريد أن يصبح «سوبر ستار»، رأيه مهم في أمور الفقه، والتوحيد، والتفسير، والتاريخ، وله آراء جليلة في الجغرافيا والرياضيات، ومقولات لا تنسى في السياسة والأحزاب والقوانين الدولية والأعراف، و «الداعية» أيضا يصح له ما لا يصح لغيره، من إقامة ندوات ومحاضرات وتعليقات على قضايا اجتماعية، يستضاف وتفرد له المجالس، ولا يحق لك أو لغيرك الاعتراض أو الاختلاف، فهو شيخ جليل وأنت.. مواطن عليل! مدد: ومن البلية عذل من لا يرعوي.. عن جهله وخطاب من لا يفهم!