مع تزايد أعداد الراغبين في إكمال دراستهم الجامعية، لم تعد المؤسسات التعليمية التقليدية قادرة على سد الاحتياجات الدراسية لأولئك الذين قد تحول ظروفهم الحياتية والعملية دون التفرغ للدراسة، ومن هنا برزت الحاجة إلى حلول تعليمية أخرى تتيح خيارات شتى أمام الأفراد المنشغلين بشؤونهم الخاصة دون أن يضطر واحدهم إلى تقديم تضحيات قد تؤثر على عمله وأسرته وحياته. وأتاح التطور التقني الهائل الذي تشهده مناحي الحياة بمختلف أشكالها، أن يظهر نوع جديد من التعليم الأكاديمي اتفق على تسميته «التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد»، وهو أسلوب متطور يجمع بين الطريقة التقليدية وتقنيات الاتصال المتطورة دون أن يلزم الطالب بالحضور إلى مقاعد الدراسة ولا أن يقيده بوقت محدد. التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد نشأ هذا المصطلح من تضافر التعليم الكلاسيكي مع وسائل التعليم الإلكترونية. ومن الأخطاء الشائعة اعتبار التعليم عن بعد مرادفا للتعلم الإلكتروني أو للتعليم عبر الإنترنت، فرغم التقاء هذه الوسائل التعليمية في الهدف نفسه وهو تيسير العملية التعليمية وتمكينها بأحدث الطرق الممكنة، إلا أنها تختلف وفقا للآلية المتبعة في تحقيقها، وحتى نتمكن من إيضاح هذا المفهوم يجب أن نعرف كيف نشأ التعلم الإلكتروني من جهة، والتعليم عن بعد من جهة أخرى. التعليم عن بعد Distance Learning هو برنامج تعليمي يطبق خارج المؤسسة التعليمية بحيث يمكن للطالب أن يحقق التحصيل العلمي مستفيدا من المناهج الدراسية بكل جوانبها دون الانتقال إلى موقع محدد. وهذه الطريقة تهدف إلى نقل العملية التعليمية من الحرم الجامعي إلى أماكن تواجد الطلبة في مختلف المناطق الجغرافية. ومنذ السبعينيات الميلادية، اعتمدت بعض الجامعات الأوروبية والأمريكية أسلوب «المراسلة» إذ يتلقى الطلاب المواد الدراسية في صورة كتب أو شرائط كاسيت أو فيديو عبر البريد العادي، ثم إرسال الفروض المنزلية والبحوث بالطريقة نفسها، على أن يلتزم الطالب بحضور امتحان نهائي في مقر المنشأة التعليمية ليحظى بالشهادة. ومع ظهور وسائل الاتصال المتقدمة، تطورت خدمة التعليم عن بعد التي أصبح الإنترنت وسيطها المتميز والسريع، واستبدلت الكتب والكاسيت بالأقراص المدمجة «CD و DVD»، ونشأت المؤسسات والمواقع الإلكترونية المتخصصة التي تقدم خدمات تعليمية متكاملة، وهو ما بات يعرف ب «التعليم الإلكتروني». ومن المعروف أن التعليم عن بعد يندرج تحت تصنيفات متعددة تبعا لآلية التدريس، ومنها التعليم بالمراسلة والتعليم المفتوح والانتساب التقليدي والانتساب المطور والتعليم عن طريق الإنترنت. التعليم الإلكتروني E-Learning ظهر مصطلح التعليم الإلكتروني مع ازدهار تقنيات الحاسب والإنترنت، ورغم تعدد التعريفات لهذا المصطلح، إلا أن جميعها تتفق على أنه وسيلة لدعم وتطوير العملية التعليمية بأنواعها المختلفة «الانتظام – الانتساب – التعليم عن بعد»، وجعلها أكثر تفاعلية ومتعة من خلال الاستعانة بالأجهزة الإلكترونية الحديثة وتقنيات الإنترنت، ويطلق هذا المصطلح على: - التعليم الإلكتروني في الصفوف الدراسية المنتظمة: يتم باستخدام الوسائل الإلكترونية مثل الحاسب والسبورة الذكية لتحقيق أهداف الدرس. - المناهج المطورة: توجه الطلاب للاعتماد على البحث والاكتشاف من خلال المصادر الإلكترونية، مثل محركات البحث والموسوعات الإلكترونية. - التعلم الإلكتروني عن بعد «الانتساب المطور»: يعتمد على نظام إلكتروني لإدارة العملية التعليمية مهمته إنشاء فصول افتراضية للتواصل بين الطالب والمعلم، مثل نظام مودل moodle أو نظام «جسور». التعلم الإلكتروني أم التعليم الإلكتروني في كثير من الأحيان يخلط الناس بين التعلم الإلكتروني والتعليم الإلكتروني، وهذا الخلط يعود إلى أن آلية التعليم تعتمد على الوسائل الإلكترونية، والفرق يكمن في أن التعلم مجهود شخصي ونشاط ذاتي يصدر من المتعلم نفسه، أي إنه عملية فردية يقوم بها الطالب وحده، في حين أن التعليم مجهود يتحقق بمساعدة شخص آخر «المعلم» أي إنه عملية جماعية، لكن التعلم الإلكتروني هو المصطلح الأشمل لأنه متاح للطلاب المنتظمين وطلاب التعليم عن بعد «الانتساب» .