كيف أواجه الظلم عندما يقع من الأقارب وليس من الغرباء، عندما أفاجأ أن الذين نذرت حياتي من أجلهم هم أكثر الناس غدرا بي وقسوة علي؟ ماذا أفعل عندها، هل أدعو عليهم؟ علما أنني لا أستطيع أن أكرههم، وأعاملهم بالمثل. إن تعرض الإنسان للظلم من البلاء الذي يقع على العبد، وكم يكون مؤلما إذا كان من قريب أو صديق.. لكن النفوس المؤمنة الراضية بقضاء الله وقدره، المحتسبة للأجر تجعل من الظلم مكسبا وطريقا إلى الجنة مع الصبر، فالمؤمن إن أمره كله خير، كما جاء في الحديث. غاليتي.. رغم عدم تصريحك بقرابة من ظلمك إلا أنهم على ما يبدو من أقرب المقربين لك؛ لأنك لا تستطيعين كراهيتهم حسب قولك، كما أنك لم توضحي لنا طبيعة هذا الظلم الذي فسرته ب«غدر وقسوة»، هل حاولت تفسير هذا الظلم بطريقة أخرى؟ هل تأملت وعرفت الأوضاع النفسية والظروف التي يعيشها هؤلاء، وجعلتهم يلجؤون إلى ما سميته ظلما؟ هل راجعت نفسك وتصرفاتك والتي قد تكون سببا لموقفهم معك؟ ابحثي عن تلكم الأسباب، فقد تنكشف لك حقيقة كانت غائبة عنك، وليكن دعاؤك لهم لا عليهم، خصوصا وهم مقربون ولهم حق عليك، فالله سبحانه وتعالى كما تعلمين يقبل دعوة المظلوم.. ادعي لهم بالهداية، وأن يريهم الله الحق ويجنبهم الظلم والعدوان، وأن يلهمك الصبر ويأجرك مما قد يصيبك من جراء هذا الظلم. ثم عليك بالمواجهة إذا كان بالإمكان ذلك، ولكن عن طريق الحكمة والعقل، واختيار الوقت والأسلوب المناسبين لمناقشة الموضوع بطريقة هادئة، بعيدا عن الهجوم وتوجيه اللوم والتهم. وإن لم يتم ذلك فحاولي الابتعاد جسديا أو فكريا على الأقل عن دائرة هذا الموضوع، والانشغال بما هو أهم وأرقى وأجمل.. اشغلي نفسك بالذكر والعبادة، وعليك بالصلاة وقراءة القرآن، ومناجاة الله. وابتعدي عن المواقف التي تزيد الظلم والمعاناة سوءاً، كوني أكثر هدوءا وأطيب نفسا، وقابلي الإساءة بالإحسان، فأنت أول المستفيدين في ذلك. وتأكدي أن الله سبحانه وتعالى لن يخذلك أبداً، وما من شدة إلا وبعدها فرج، وما من ضيق إلا ومعه سعة. عزيزتي.. إني متفائلة بنجاحك في احتواء المشكلة ما دام الكره ليس له مكان في قلبك، وما دمت متسلحة بالإيمان بالله مستعينة به، محتسبة صابرة على الدوام. المجيبة: د. منيرة بنت عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكليات البنات بالرياض