تعتبر جمهورية جنوب إفريقيا أكبر قوة اقتصادية في إفريقيا، وتحتل المركز ال25 من حيث المساحة في العالم. لكنها أيضا أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في القارة، بما يعادل نصف انبعاثاتها للفرد الواحد، بل وبما يتجاوز ضعفي انبعاثات الصين بنفس المقياس. كما تطلق جنوب إفريقيا حاليا في الجو 80 % من إجمالي انبعاثات القارة الإفريقية من ثاني أكسيد الكربون البالغة 400 مليون طن متري في السنة، من قطاع الطاقة وحده. من المقدر أن تتأثر إفريقيا على نحو غير متناسب من أضرار التغيير المناخي، بارتفاع الحرارة بنحو أربع إلى خمس درجات في أجزاء عديدة من القارة، أي ضعف المعدل العالمي المقدر بدرجتين. ومن المتوقع أن تأتي تداعيات هذه الأضرار على كمية وتوزيع مياه الأمطار، بآثار هائلة على القطاع الزراعي بما يضاف إلى ضعف البنية التحتية وأحوال الفئات الفقيرة من الأهالي. وعلى الرغم مما سبق، فقد أبدت حكومة جنوب إفريقيا في قمة المناخ الأخيرة في كانكون، المكسيك، في ديسمبر الماضي، ميلها للاصطفاف إلى جانب غيرها من كبرى البلدان النامية، من خلال المطالبة بوضع تقليص الفقر على رأس الأولويات، أكثر منها الالتزام بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. واستبقت جنوب إفريقيا قمة المناخ بالإعلان عن التزامها الطوعي بالحد من الانبعاثات بنسبة 34 % بحلول عام 2020، لكن شريطة الحصول على دعم دولي ليس من المؤكد أن يتبلور في أفعال محددة. وكانت جنوب إفريقيا قد عانت انقطاع الإمدادات الكهربائية في عام 2008، مما أثر بشدة في قطاعات التعدين والصناعات التحويلية، وأدى إلى إلغاء مشاريع كبيرة كثيفة استخدام للطاقة. ومن ثم، لا يزال تأمين إمدادات الطاقة لدعم النمو الاقتصادي والحد من مستويات الفقر المرتفعة يحتل مركز الصدارة في مخططات جنوب إفريقيا الإنمائية. خاصة أنها الدولة رقم واحد إفريقيا من حيث الاقتصاد والتصنيع في زمن قياسي، حيث تتجه حاليا مصانع شركات السيارات الكبرى إلى الإنتاج بجنوب إفريقيا لتكون الموزع المحلي للقارة الإفريقية بكاملها. وتعتبر جنوب إفريقيا المورد الرئيسي للعديد من السلع الغذائية والصناعية للدول المجاورة لها، حيث تعتمد هذه الدول في اقتصادها الضعيف على جنوب إفريقيا كمورد رئيسي؛ لذلك وضعت البلاد خطتها الثانية للموارد المتكاملة خريطة على المدى الطويل للطاقة والخيارات التكنولوجية، مع الأخذ في الاعتبار عوامل الاستدامة، وأمن الإمدادات، وسهولة الحصول على المصادر، والقدرة على تحمل التكاليف، وأمن الإمدادات، والآثار البيئية. والنتيجة على المدى القصير هي أن تساهم محطة «ميدوبي» لتوليد الكهرباء التي تشغل بالفحم، بنحو 4800 ميجاوات في شبكة الكهرباء الوطنية في عام 2012. لكنها ستصدر أيضا نحو 26 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، على الرغم من استخدام تكنولوجيات أقل تلويثا. كما من المتوقع أن يأتي مشروع محطة «كوزيلي» التالي بنتائج ممثلة في هذين المجالين. وتنص توقعات الحكومة لعام 2030، أن يتم تغطية 48 % من إجمالي الطلب على الطاقة من الفحم، و16 % من مصادر الطاقة المتجددة، و14 % من الطاقة النووية، بما يشمل بناء ستة مفاعلات نووية جديدة يبدأ تشغيل أولها في عام 2023 .