كانت المرأة البدوية في الزمن الماضي تتعامل مع الرجل بطريقة معتدلة، فتجدها تشاركه المسؤوليات اليومية وتلتقي به في المرعى والمسقى، وحينما يغيب تقري الضيف وتجيب السائل، ولا يجد المجتمع آنذاك غضاضة من هذه المشاركة. ومع ذلك حافظت المرأة على خجلها وهي تفعل ذلك بسليقتها وطبيعة حياتها ولم تحتج إلى من يعلمها كيف تتجرأ على الرجل كما تقوم به أندية التوسماستر التي تعلم الفتاة كيف تكسر حاجز الخجل وتكون جريئة في مواجهة الرجال. وتعود الأسباب كما يزعمون إلى تربية الفتيات في بيئة محافظة ومنغلقة، وهناك فرق شاسع بين المصطلحين لأن المحافظة لا تعني الانغلاق الذي يأتي بسبب التزمت وتكريس نظرة الريبة من الرجل والحكم المسبق عليه الذي يجعل الفتاة تراه وكأنه ذئب مفترس يتربص بها، وهو ما كرسه الخطاب الاجتماعي الحديث الذي يصور الفتاة في كل حالاتها فريسة ضعيفة لا تستطيع مقاومة أدنى درجات الخطر. وهذه الثقافة جعلت إحدى النساء وهي امرأة متزوجة، على ما يبدو من القصة، حينما أغلق زوجها الطريق على سيارة أخرى، فلما جاء سائقها انتظر قليلا ثم أشار إلى المرأة بيده، بما يفيد سؤاله عن السائق، وبدل أن تجيبه أخرجت حذاءها، ولوحت له به، وقد كانت صدمة له اضطر إلى أن «يبلعها» مرغما حتى لا يتهم بمعاكستها لو أبدى ذلك لزوجها الذي جاء وأخرج السيارة متأسفا. ومثل هذا التصرف من المرأة لا ينقصه جرأة أو نزع حياء بل إنها وقاحة وقلة حياء وسوء ظن تجاه الرجل، وهذا نموذج لمن تنظر إلى الرجل على أنه ذئب مفترس وهي غزالة جفول تلحقها النظرات أينما حلت. فالفتاة لا يجب أن تساعد على نزع الحياء ولكن تحتاج إلى من ينمي فيها الثقة بالنفس وحسن الظن، وهذا يمكن أن تتعلمه في بيتها مع إخوتها الأولاد وأبيها حتى تحقق ذاتها وتشعر باستقلاليتها في التعبير عن آرائها وفي الوقت ذاته تحافظ على حيائها الذي يعد صفة أنثوية إيجابية، ولو أدخلنا «بطلة الحذاء» ذلك النادي لتضاربت مع الرجل في أي مكان يجدها دون محرمها.