يتعرض مذيعو القنوات الشعبية لانتقادات تصفهم بسطحية الفكر وضعف الطرح في عرضهم لقضايا الساحة الشعرية، إلى جانب بعض المآخذ المهنية التي تعتري عمل هؤلاء المذيعين، ومن ذلك أن مقطعا انتشر على نطاق واسع في اليوتيوب يظهر فيه المذيع مبارك سيف، من قناة الصحراء، متحدثا في تقرير تليفزيوني عن أزمة أسعار الشعير بلغة فصحى يشوبها اللكنة العامية، حتى غدا المقطع، الذي انهالت عليه التعليقات الساخرة، محل تندر من المتابعين، فحقق سيف من خلاله شهرة عريضة له ولقناته، لذلك فهو لا يرى في المقطع ما يسيء إليه مهنيا: «فمالك القناة رفض أن أقرأ التقرير بالفصحى منحازا إلى المحكية، حتى نصل إلى عدد أكبر من المشاهدين المستهدفين، لاسيما أولئك البسطاء والأميون». يذكر سيف وفي حديث خاص ل«شمس» أنه تلقى خبر انتشار المقطع من الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز، الذي استعرض بعض الجمل الواردة فيه على سبيل المزاح أثناء تواجده في مهرجان أم رقيبة السنوي. ومع أن بعض زملائه من قنوات منافسة يعيبون على هذه الفضائيات قصورها وتقاعسها عن تطوير العاملين فيها، إلا أن سيف يصر على أنها تبذل جهدا كبيرا لتطور أداء كوادرها: «تلقيت دورة تدريبية في معهد الجزيرة بقطر لمدة شهر و20يوما على العمل التليفزيوني، وهي دورة لا يمكن تطبيقها على القنوات الشعبية، لكن اللغة الفصحى ليست خيارا جيدا للمشاهدين الذين يرغبون في عرض البرامج بلهجة شعبية تستهوي كبار السن والأميين المتابعين لبرامجنا». ويرى سيف أن الانحياز إلى اللغة الشعبية واستخدامها يقي من عثرات التصنع: «أسعى إلى الوصول إلى المشاهد بتلقائيتي وسجيتي دون تصنع ولا بحث عن محفزات أخرى لضمان رضى المشاهدين». لكن زميله فهاد الحربي، مذيع البرامج الشعرية في قناة المرقاب الفضائية، ينتقد أداء القنوات الشعبية التي تعتمد على ثقافة مذيعيها وإمكاناتهم الفردية دون أن تسعى إلى تطوير مهاراتهم: «مع أن بعض الإعلاميين يجتهد لتطوير نفسه ويلتحق – بمبادرة فردية – في دورات تأهيلية ضمن مؤسسات إعلامية بارزة، وبعضهم الآخر يستند إلى مخزونه الثقافي». ويأخذ الحربي على بعض القنوات الشعبية سعيها الحثيث إلى الربح المادي واتكالها على كوادر غير مؤهلة؛ رغبة في توفير النفقات على حساب المشاهد «الذي قد لا يروقه أن يطل عليه مذيع لم يؤهل جيدا على المستوى المهني». وهو ما يذهب إليه محمد سعود، مسؤول صفحة الشعر في صحيفة الحياة، الذي يعيب على زملائه المذيعين افتقادهم للمهنية الإعلامية: «فأغلبهم اقتحموا المجال عن طريق الواسطة دون أن يخوضوا دورات تدريبية تعينهم على تقديم البرامج باحترافية واقتدار أسوة بالقنوات الأخرى». ومن الملاحظات التي يرصدها سعود على أداء هذه القنوات أن مذيعيها لا يفرقون بين الخبر والتقرير والتحقيق وبقية الأنماط الصحفية المختلفة: «فمن الخطأ أن ندرجهم في عداد الإعلاميين؛ لأن البرامج التي يقدمونها تتحدث عن الإبل والمزاين..». وعلى المستوى اللغوي، يرى سعود أن بعض المذيعين «يتحدثون بلغة ركيكة ومصطلحات لا يفهمها سوى شريحة محدودة من الناس، في تجاهل سافر للمشاهد العادي». وربما تكون هذه السقطات المهنية المريعة عاملا رئيسا في عزوف المشاهدين عن متابعة البرامج الشعبية، كما يشير علي الشهراني، أحد المهتمين بالإعلام الشعبي: «فارتجال العبارات دون مراعاة لفكر الملتقين الذين يمثلون مستويات تعليمية متباينة، يصرفني عن متابعة البرامج إلى الاكتفاء بالفواصل الشعرية فقط، مع أني من أشد المتابعين للساحة الشعبية». لكن مشعل القحطاني، وهو من المتابعين أيضا، يميل إلى مشاهدة البرامج التي يتحدث مذيعوها باللهجة الشعبية: «فأكثرية المهتمين هم من كبار السن وغير المتعلمين، ومن الضروري مراعاة ذلك» .