كثيرا ما يغيب عن أذهاننا أن الأفعال الصغيرة يمكن أن تثمر عن نتائج كبيرة غير متوقعة، ويمكن باستمرارها أن تلد أجيالا مبدعة وناجحة، لكن كثيرا ما كان تفكيرنا وتخطيطنا يتم على المدى القصير ولا يتجاوزه أبدا. في جامعتنا غفلنا عن جانب مهم، في نظري، ألا وهو استغلال مهارات الخريجين وتوظيفها بما يخدم الجامعة التي تسعى أولا وأخيرا لخدمة الطالب وتقديم الأفضل، والخريج ما هو إلا طالب سابق يحتاج لقليل من التدريب والصقل تمهيدا للحياة العملية. عدد من الطلبة بعد التخرج يجلسون في انتظار الوظيفة أو «الواسطة» التي تسقط عليه من السماء لتوظفه، ولكن لو استغلت الجامعة مهاراتهم بافتتاح ناد ينظم «مجموعات دراسية»، يساعد الخريجون فيها الطلبة على فهم المادة أو شرح ما استصعب منها، لتمت الفائدة للطالب والخريج معا، فالكل مستفيد. الخريج يكسب خبرة في تخصصه والطالب يستوعب ما ينقصه. المجموعة الدراسية إذا بقيت منظمة ومرنة ومستمرة طوال السنة الدراسية قد ينتج عنها نجاحات لا تتوقع، إذ إن استمرار الأشياء الصغيرة يجعل منها كبيرة يوما ما، ومن يدري.. فقد تتحول هذه المجموعات إلى مفكرين عظماء أو أدباء أو محللين، قد يستطيعون استعراض حلول جديدة أو أفكار مبتكرة للحلول مستعصية أو مسائل مستحيلة الحل. لم تطرأ فكرة المقال من محض الصدفة. إنما من مشكلة عانيتها في بداية دراستي الجامعية، إذ استصعب علي فهم الكثير من المواد؛ ما جعلني أستعين بعدد من المدرسات الخصوصيات اللاتي لم أستفد منهن شيئا إلا استنزاف المال، ولكني اكتشفت لاحقا حين تعرفت على صديقة لي أن الخطأ ليس في فهمي للمادة بل في فهمي لطريقة دراستها، والتي أعانتني على فهم المواد وطرق دراستها لاحقا بطرق أكثر بسهولة. مثل هذه الصديقة هي ما تحتاج إليه الجامعة. طالبات متفرغات لتوجيه زميلاتهن في نفس التخصص، إذ يتم ترشيح كل خريج لديه المهارات اللازمة التي تساعده في إيصال المادة، وفق المتطلبات العلمية ويرشح لمنصب «المعلم الصغير» على مجموعة صغيرة، فحاجتنا للمعلم يشرح بسعة وقت وصدر أكثر بكثير من حاجتنا إلى دكتورة مشغولة بالتزامات لا صفية أو تشغلنا بمتطلبات أو بحوث لن نجني منها إلا إسرافا في الحبر والورق. فهل تحقق لنا جمعية أصدقاء الخريجين ذلك؟