يحفل تاريخنا بنساء خلد التاريخ أسماءهن على صفحاته منذ صدر الإسلام حتى اليوم، على سبيل المثال أمنا خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - التي تعد أول من آمن بالرسول، عليه الصلاة والسلام، وصدقته مرورا بسمية بنت الخياط «أم عمار» - رضي الله عنها - أول من سفك دمها في سبيل الإسلام، حيث تحملت العذاب ثم استشهدت هي وابنها وزوجها.. ولا ننسى نسيبة بنت كعب - رضي الله عنها - التي جاهدت مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ورمت السهام وجرحت في المعارك، وغيرهن الكثير الكثير من العظيمات، عندما نقرأ سيرهن نتساءل أين تكريمهن وتخليد أسمائهن؟! وفي العصر الحديث أيضا مئات من السيدات اللاتي أبدعن وتفوقن في عدة مجالات من الطب إلى الهندسة مرورا بالصناعة والتعليم وارتقين إلى أعلى المناصب ويستحققن التقدير، ولعل وضع أسمائهن على الصروح التعليمية مثال على نوع بليغ من أنواع التكريم، فمدارس البنات التي نشاهدها مرقمة بأرقام جامدة لا تحمل أي معنى ولا نعلم الحكمة البليغة من وراء ترقيمها فهل نحن مجرد أرقام؟! صحيح أن هذا الموضوع تم طرقه أكثر من مرة، بل توقعنا أن تكون لفتة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حفظه الله وأعاده الله إلينا سالما معافى، عندما أطلق اسم جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن على جامعة البنات، دافعا للمسؤولين أن يحذوا ويقتدوا بهذا الفعل الجميل من قائد مسيرتنا الذي عبر من خلاله عن الامتنان والعرفان لهذه الإنسانة العظيمة التي كان لها دور كبير في تأسيس بلادنا وتوحيدها. لكن مع الأسف يبدو أن علينا الانتظار سنين أخرى حتى يفهم المسؤولون القائمون على مدارس البنات المعنى العميق والمغزى البعيد لهذا الفعل الإنساني المعبر من ملكنا المحبوب. سمعت أخيرا تلميحا بأن هذا الموضوع قيد الدراسة، لكني أتساءل ألا يصيبكم الصداع بسبب ترديد الصحف والمجلات والتلفاز لأسماء أشخاص لم يحققوا أي إنجاز يذكر لمجتمعنا، بينما المنجزون والمتميزون تبقى أسماؤهم وأسماؤهن حبيسة مجلدات التاريخ المغبرة، وبالذات عندما يكون هذا الشخص امرأة؟!