قبل البدء.. هذه فضفضة اجتماعية، ليست فقط اجتماعية، وإنما يضاف إليها نوع آخر من الفضفضة يبدأ بحرف ال «س»، مزجتها بقليل من أساليب القصص. القصة الخضراء «1» مجموعة أولاد يلعبون الكرة في ملعب ترابي، خسر فريقهم كالعادة فقام أحدهم مولولا مزمجرا: هذه الأرض التي لعبنا عليها لا تصلح للعب، لننتقل إلى الأرض المجاورة. - لكنها ترابية أيضا. - التراب هنا ليس كالتراب هناك، التراب هنا يكرهنا، ألا ترى كيف يسقط اللاعبون دون أن يمسهم أحد؟ - لأنهم يحاولون عبثا اللحاق بالكرة! - لا تقل مثل هذا الكلام، نحن قوم تلحقنا الكرة ولا نلحقها! «2» في طريق العودة إلى المنزل قابل أحدهم صديقه في المدرسة، وأخبره بهزائمهم المتلاحقة، فرد صديقه ساخرا: قلت لك منذ زمن يا صاحبي إن المشكلة تكمن في اللباس! - ما الذي تقصده باللباس؟ - اشتروا ملابس جديدة لفريقكم. - لكن لم تمض مدة على هذه التي نرتديها. - أنت يا صديقي لا تفهمني، السر في الألوان. - صدقني جربنا كل الألوان التي تخطر في بالك. - لكن كما أرى الأغلبية ترتدي لونا واحدا، مختلفا عن باقي الفريق. - لا أعلم لكنهم يقولون إنه أكثر إراحة للعين! «3» ارتمى في أحضان جدته وقال: خسرنا يا جدتي. - هذا ليس بجديد عليكم يا عزيزي فقد خسرتم مباريات كثيرة في الآونة الأخيرة. - لكننا لا نعرف السبب، في كل مرة نجرب شيئا جديدا، حتى إننا فكرنا في دفع تكاليف ثمن استيراد تراب من المدينة المجاورة. - على مهلك يا عزيزي، لا تدفعوا شيئا حتى تسمع ما لدي. - حسنا كما تريدين. - ألم تقل لي إن الفريق الذي ستلعبون ضده هو فريق تسهل هزيمته؟ - بلى، وهو كذلك، لكنه فاز علينا. - الموضوع لا يمت للصدف بشيء يا عزيزي، الاستهانة بخصومك تعود عليك وحدك. - لا أظن أن هذا هو السبب، عرفت السبب، إنه صاحب الدكان المجاور، طوال عمري لم أكن مرتاحا لوجوده ونظراته. - صاحب الدكان؟ أتعي ما تقول؟ وما الذي يجعل صاحب الدكان الغارق في شؤون دكانه معنيا بخسارتكم؟ - هاه؟ جدتي يجب أن نلوم أحدا، لا يعقل أن نخسر عدة مباريات بلا سبب، إذا كانت الاستهانة بخصومنا سببت الهزيمة الأخيرة، فماذا عن المباراة التي قبلها؟ - لا أدري! كل شيء متوافر لديكم، الفريق لا ينقصه شيء، ربما.. أقول ربما.. أنكم لا ترغبون في أن تفوزوا بشدة كما ينبغي! القصة السوداء «1» في مكان ليس ببعيد من هنا عاشت عائلة سعيدة، أو ربما تبدو سعيدة، لا يهم! هذه العائلة مكونة من أب وأم وخمسة أبناء وابنة واحدة. في يوم من الأيام فكرت الأم في زيارة قريباتها في الناحية الأخرى من البلدة فذهبت لتستأذن من زوجها، صرخ فيها قائلا: ألا ترين حالة الغضب التي تعتريني؟ كيف تجرأت على الاستئذان؟ اذهبي واستأذني من ولدك فلان. - لكنه ولدي فكيف يأذن لي؟ - لن تذهبي قبل أن يأذن لك بنفسه. - اتق الله يا رجل، أبلغ بك حد إهانتي أن تجعلني أستأذن من ولدي الذي ربيته بنفسي؟ - أنت لن تتحركي شبرا حتى يأذن لك بالذهاب. طأطأت الأم رأسها وذهبت لتستأذن من ولدها، وافق الابن على مضض بعد أن زجر والدته أنه لا يهمه ما تفعله هي، ولا يريد أن يتحمل اللوم في حال قرر أحدهم الاعتراض على رأيه مستقبلا! «2» بدأت الأم تستعد للزيارة التي دفعت كرامتها ثمنا لها، نادت ابنتها لترافقها في الزيارة، تدخل ابنها الأول: من الذي أذن لفلانة أن تذهب معك؟ لن تذهب فأنا أخاف عليها من كل شيء، هل ستذهب مشيا على الأقدام أم ستركب السيارة؟ الحكم يختلف ولكل حادث حديث. أعقبه الابن الثاني: لا رأي لك على فلانة، ستذهب هي رغما عنك ولن تستطيع منعها، أنت شخص معقد. تثاءب الابن الثالث: يا جماعة اذكروا الله، دعونا نجري تصويتا. جاء صوت الابن الرابع من خلف الجدار صارخا: لا بد أن نستشير العم فلان. لا تنسوا أنه عمها ويعلم ما الذي يصلح لها. التفتت الأم نحو ابنها الخامس ترتجي ردا ألطف فقال: لا شأن لي بضجتكم، افعلوا ما شئتم، ذهابها معك يا أماه أو بقاؤها بالنسبة إلي سيان، فأنا في جميع الأحوال لا أبالي. قالت الأم بحزم: بقي شخص واحد لم نأخذ رأيه. - تقصدين والدنا؟ - بالطبع لا، فكروا قليلا. - إذن من تقصدين؟ - استعملوا عقولكم قليلا، هناك رأي لم نسمعه، لا يعقل أن تغفلوا شيئا كهذا. تهدج صوتها وتناثرت أحرفها في الهواء حشرجة، وأشارت بسبابتها نحو ابنتها. القصة الحمراء هذه القصة بضع كلمات، قصة طفل صغير يعبث بأعواد كبريت، زجرته والدته حينما رأته: لا تلعب بالنار يا محمد! - لكني أستمتع برؤية لهيبها فقط. - لهيبها يا صغيري هو الذي يقلقني. - ما الذي يحدث لو أحرقت نفسي؟ - أرجوك يا بني لا تفعل، اللهيب يا محمد لا يصنع إلا لهيبا أقوى! مدونة إيمان العبدان http://emanalabdan.wordpress.com