تعهد المركز الوطني للتعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني بتقديم طرح جديد، ومغاير لما يتداول عن التعليم الإلكتروني، في وقت بات المصطلح «لغة صعبة» للكثير من الطلاب وراغبي الدراسة الجامعية، خاصة لمن لا تتسنى له الظروف الاقتراب من بوابة الجامعة، أو قاعاتها فعليا، ليصبح الخيار إلكترونيا. لكن المركز الذي عهدت له وزارة التعليم العالي مهمة الخروج بمستقبل مشرق للأجيال المقبلة، عبر تقنيات ورؤى جديدة، اعتبر نفسه منذ اليوم الأول لتكليفه، ليس بديلا لأحد «حسب رؤية المختصين»، لكنه إكمالا لمشروع بدأته الوزارة سابقا. وحسب تأكيدات المسئولين في المركز «رفعنا شعار (وطن، وتعليم، ومستقبل) في الواجهة، فبين هذه المفردات الثلاث، تقاطعات وروابط وثيقة، وعلى أساس هذه الروابط تأسس المركز الوطني للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، ومن خلالها تبرز هويته». ويؤكدون أن «مستقبل التعليم هو مستقبل الوطن، والتعلم الإلكتروني هو تعليم المستقبل، والمركز الذي يعنى بتعليم المستقبل، هو -في حقيقة الأمر يعنى بمستقبل الوطن». وأشاروا إلى أنه عندما نقول «مركز وطني».. فإن حدود المكان تمتد لتشمل 6700 كم هي محيط حدود المملكة، وعندما نقول «مركز وطني» فإن حدود الزمان تمتد إلى ما شاء الله من قرون ستعيشها الأجيال على أرض المملكة، وعندما نقول «مركز وطني».. فإن حدود الأمل بمستقبل مشرق تمتد لتشمل حدود ذلك المكان، وحدود ذلك الزمان. تلك العبارات التي يرفعها المركز في واجهته العملية قبل الإلكترونية، تجعل التساؤلات في ترادف وتعدد. اليوم.. يتساءل الكثيرون لماذا التعليم عن بعد، في الوقت الراهن؟ والجميع يبحث عن إجابة عن السؤال الأهم، هل التعليم عن بعد بديل أم خيار آخر، أم إضافة أم تطوير، أم شيء آخر؟ خيار أم ضرورة؟ بعيدا عن مقومات هوية التعليم عن بعد التي اعتمدتها بعض الجامعات، واستبدلت بها الانتساب التقليدي، بآخر مطور، أطلقت عليه اسم «التعليم عن بعد»، لم يكن الخيار المطروح وقتها غير البداية التقليدية لأي نظام مستحدث «المعروف أن الانتظام، هو النظام المعمول به عالميا، ويفترض أن يكون المثالي، لما له من مقومات، تمتد من الوجاهة الاجتماعية، بأطروحة الذهاب والعودة من الجامعة، والبقاء في قاعات المحاضرات، والاحتكاك المستمر بين الطالب والأستاذ، كل ذلك شجع الجميع على البقاء قيد الماضي، لما يوفره من مقومات نفسية أحيانا، واجتماعية في أحيان أخرى، لكن التفكير الذي بدأه ولاة الأمر، كان يمتد ليس بعد عام أو عامين، بل لعدة عقود». ويؤكد المركز «يجهل الكثيرون التعليم عن بعد وآلياته لذا، نقول إن المركز الوطني للتعليم عن بعد، وهو الجهة المعنية بتطوير هذا النظام والتابع لوزارة التعليم العالي، نبع من رغبة ولاة الأمر، في مواكبة المستقبل وفق المنظور العالمي، حيث كان التوجيه الكريم، بوضع الخطة الوطنية لتقنية المعلومات، التي أوصت بتبني التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد وتطبيقاتهما في التعليم العالي وإنشاء مركز وطني لتوفير الدعم الفني والأدوات والوسائل اللازمة لتطوير المحتوي التعليمي الرقمي، ومن هنا دخلت الفكرة مجال التنفيذ». ويشار إلى أن الجامعات العالمية الوهمية باتت تنافس النظامية، وتحاول استمالة الأبناء لصالحها، لذا فأي تفكير بشأن استقطاب الأبناء لداخل الوطن يعد مكسبا وطنيا يستحق التأييد، والحفاظ على مكتسباته، كما أن مجاراة العصر وروحه المتمثلة في مراعاة ظروف الكثير من الأسر أيضا يجب ألا تغيب عن الأذهان، لذا فإن خيار التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني، لا ينافس أحدا، ولا يهزم أحدا، ولا يرتبط بأحد، فالوزارة تنشد الجودة في التعليم، والوزارة تتمنى الارتقاء بمستوى المتعلمين إلى الدرجة التي تجعلهم يفرضون أنفسهم على قطاع الأعمال، بصورة الأفضل تعلما، والأجدر وظيفيا، حتى لا يكون هناك أي مبررات لقطاع الأعمال في الفرز بين مخرجات التعليم العالي، وإن كنا لسنا معنيين، بالتوظيف، لكننا معنيون، بتجويد المنتج، وفق أفضل المقومات، ليست المحلية، بل العالمية، حتى لا يعتبر بعض الناس أن التعليم الإلكتروني مجرد واجهة يمكن أن ينفذ منها غير الجديرين بالتفوق». وماذا عن الجودة في المدخلات؟ «أوكل المركز إلى المختصين إنشاء قسم خاص بالجودة، مهمته ليست الرقابة على الجامعات، بل معاونتها، وتقديم النصح التقني لها، للوصول بها إلى واجهة عالمية معتمدة وفق التصورات الموضوعة داخليا، وحسب الأنظمة المعتمدة من وزارة التعليم العالي، ليصبح تلاقح الأيادي ضرورة لمفهوم أوسع»، هكذا يعتبر مدير الجودة في المركز مزيد الهويشان، دور القسم في المرحلة المقبلة، ومدى التعاون مع الجامعات. خطة عملية وهل من رؤية يمكن أن تتحول إلى خطة واقعية تترجم كبيان عملي؟ يرى القائمون على المركز أن رؤيتهم تتمثل في «تأسيس نظام تعليمي متكامل يعتمد على الاستفادة من التقنيات الحديثة في مجال التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، في هيئة مركز وطني يدعم العملية التعليمية في مؤسسات التعليم الجامعي في كل مراحلها، ولجميع فئاتها وشرائحها دون قيود للزمان أو المكان، تحقيقا لرسالة المملكة في نشر العلم والمعرفة القائمة على المبادئ والقيم الإسلامية السمحة، بحيث يمثل المركز الوطني لبنة أساسية لإنشاء الجامعة الافتراضية السعودية». أهداف وغايات ويعتبر القائمون على المركز أن رسالتهم تنبع من حقيقة واحدة «لطالما اكتسبت الوسائل التعليمية أهمية كبيرة في تعزيز العملية التعليمية، وكلما كانت الوسيلة أقدر على تحقيق غايتها زاد أثرها، وازدادت أهميتها، لذا نحن ندرك جيدا أن (التعلم الإلكتروني) و (التعليم عن بعد) ليس غاية بحد ذاته، وإنما هو وسيلة لتحقيق الغايات التعليمية الأساسية، لكننا ندرك أيضا أن وسيلتنا هذه تحقق غاياتها بصورة مضاعفة مرات ومرات، ومن أجل ذلك أصبحت غايتنا بناء الوسيلة التي تحقق الغايات الحضارية الكبرى لقطاع التعليم العالي في المملكة». وعن الأهداف أشار القائمون على المركز أنها تشمل «نشر تطبيقات التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد في مؤسسات التعليم الجامعي بما يتوافق مع معايير الجودة، والإسهام في توسيع الطاقة الاستيعابية بمؤسسات التعليم الجامعي، من خلال تطبيقات التعلم الإلكتروني، والتعليم عن بعد، وتعميم الوعي التقني، وثقافة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، إسهاما في بناء مجتمع معلوماتي، والإسهام في تقويم مشاريع وبرامج التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، ودعم الأبحاث والدراسات في مجالات التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، ووضع معايير الجودة النوعية لتصميم المواد التعليمية الرقمية، وإنتاجها، ونشرها، وتقديم الاستشارات للجهات ذات العلاقة في مجالات التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، بناء البرمجيات التعليمية وتعميمها لخدمة العملية التعليمية على القطاعين العام والخاص، وتشجيع المشاريع المتميزة في مجالات التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد في مؤسسات التعليم الجامعي، وعقد اللقاءات، وتنظيم المؤتمرات، وورش العمل، التي تسهم في تطوير التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، والتعاون الدولي مع المنظمات والهيئات العالمية والجهات ذات العلاقة بمجالات التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد». مشاريع وخدمات وإذا كانت المشاريع في مقدمة ما يمكن أن تتطلع لها الجامعات، والمعنيون بالأمر، خاصة الدارسين، فإن أبرز ما يمكن الاستفسار عنه يتمثل في الخدمات التي يمكن أن يوفرها المركز الوطني للتعليم عن بعد، وحسب المختصين «المركز لا يتبنى منظومة خدمات هلامية، بل لديه مجموعة من المشاريع التي بدأ في تنفيذها لتحويل بعض أهدافها إلى حقائق على أرض الواقع، وروعي في هذه المشاريع أن تكون وفق أولويات معينة، وأن تلبي حاجات محددة، وأن تسهم في بلورة فكر متقدم عن التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد يتناسب مع أهميتهما. كما روعي إتاحة المجال للتنافس بين مؤسسات التعليم الجامعي للإسهام الفاعل في تطور هذا النوع من التعليم، والاستفادة من إمكانياتهما الهائلة، في تطوير مستوى التعليم شكلا ومحتوى». جسور التقنية وتأتي في مقدمة الخدمات جسور، التي تعد بوابة إلكترونية تجمع بين الأستاذ والطالب، وتتيح لكل منهما التفاعل مع الآخر في أي وقت ومن أي مكان بحسب دوره في العملية التعليمية. وهناك المركز السعودي للدعم والإرشاد «سنيد»، وهو همزة الوصل النشطة بين المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، وبين كل المستفيدين من خدماته، وسواء كان المستفيد طالبا جامعيا يواجه صعوبة مع نظام التعلم الإلكتروني «جسور»، أو أستاذا جامعيا يحتاج إلى مشورة في استخدام مستودع الوحدات الرقمية «مكنز»، أو أي باحث يسأل عن أي خدمة من الخدمات الأخرى للمركز، فإن «سنيد» يتيح له عددا من قنوات التواصل والدعم، مثل الهاتف الموحد، والبريد الإلكتروني، والمحادثة الفورية (Live Chat) والبلاغات الإلكترونية (eTickets) والخدمة الذاتية عبر الهاتف، والإشعار بالرسائل القصيرة، وغيرها: «ويسعى سنيد إلى تمكين الجامعات من القيام بتطوير مراكزها الذاتية لدعم وإرشاد تطبيقات التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، ويأتي هذا التمكين من خلال الدعم اللوجستي، والمبادرة بنقل الخبرات، والمشاركة في التأسيس وفق مقاييس النموذج المتكامل. كما يعمل سنيد على إبراز التجارب والبرامج المتميزة لدى أي جامعة، ليتم تعميمها على كل مؤسسات التعليم العالي». وهناك مجال التأهيل والتدريب، الذي يقدم مجموعة من الدورات التدريبية المتجددة في مجال التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، حيث يقدمها نخبة من الخبراء المحليين والعالميين، ويستفيد منها أعضاء هيئة التدريس، وموظفو الدعم الفني في الجامعات، وتتراوح الدورات بين المستوى التعريفي التوعوي، والمستوى المتقدم المتخصص» .