يرى الفضيل أن من الصعب تحديد مشكلة بعينها حين تقييم أي تحول اجتماعي ضمن إطار أي مجتمع، خاصة حين يتسم ذلك التحول بالتباين والتنافر البارز، غير أن الجانب الفكري والتطور الحياتي بشكل عام يمكن اعتبارهما من أكبر المشاكل الأكثر تعقيدا، حين قراءة وتحليل أي تحول اجتماعي معيش، ذلك أن من أخطر ما واجهته المجتمعات خلال الفترة الماضية كامن في اتساع حالة الفجوة بين التطور الحتمي المفروض على المجتمع، وطبيعة وشكل هويته التراثية والدينية في أوسع أشكالها، وأبسط صورها، كالحال الذي نواجهه اليوم في مسائل اجتماعية وحياتية هي من طبيعة وصيرورة أي تحول اجتماعي، كالتوسع في عمل المرأة مثلا، بكل تفاصيله، حيث يفرض نمط الحياة الاجتماعية المعاصرة، وتطور التعليم المتطور، وجود المرأة بكينونتها العملية في عديد من المواقع الإدارية، ويحتم ترؤسها لعدد من المناصب أيضا، وهو ما شكل عقدة لدى عديد من المجتمعات التي لم تعمل على تقليص الفجوة بين آليات التفكير التراثي والديني التقليدي والتطور الحتمي المعيش، بالمواءمة بينهما بأسلوب فكري معاصر، يهدف إلى تطوير الرؤية الاجتهادية بما يتوافق مع التغير الحاصل من جهة، ويعمل على إحداث التغيير المطلوب في الرؤية الاجتماعية التقليدية إزاء المرأة أيضا، الأمر الذي قد يشكل عائقا في بعض المجتمعات نتيجة قوة الموانع التي يواجهها الراغبون في إحداث التغيير من قبل خصومهم، لا سيما إذا اقترنت تلك الممانعة برؤى دينية متشددة تعتمد على إعمال التشويه والتشكيك في النيات والمقاصد، انطلاقا من تضخيم فكرة المؤامرة التي تستهدف تفسيخ المجتمعات المسلمة، إلى غير ذلك من التهويل غير المبرر، على أن ذلك كله يمكن أن يختفي ويتلاشى، حين يؤمن بعض أولئك الممانعين بحتمية التحول، ليصبح أمر التغيير بجملته من القضايا المنطقية التي يفرضها منطق العصر، ويصبح التحول جزءا من التطور الحياتي المحبب والمفروض على المجتمعات المؤمنة، ولا أدل على ذلك من حالة الممانعة الأولى التي أبداها بعضهم على انتشار الأطباق الفضائية ضمن ثنايا المجتمع، حيث عمدوا إلى التحذير منها، بل وتخوين وتفسيق من يقتنيها، ثم ما لبث الأمر أن خفت حدته، وتلاشى الحديث عنه من قبلهم، حين شارك أولئك الممانعون في الأمر، بل أصبح عديد منهم من رواد، ومالكي عديد من تلك المساحات الفضائية، على مختلف أنواعها وأشكالها.