في ندوة موجهة لخطباء المساجد، نظمتها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تحت عنوان «الأمن الديني والفكري وتعزيز الوسطية.. مسائل معاصرة في فقه الجهاد المعاصر»، تطرق المحاضران عضو لجنة المناصحة أحمد بن حمد جيلان، والمشرف التربوي بإدارة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية عادل بن علي الفريدان، إلى عدد من الموضوعات المتعلقة بالجهاد بجوانبه النظرية والتطبيقية. وبدأ الفريدان حديثه بتوضيح الخلط بين مفهوم الجهاد عند المغالين وارتباطه بالقتال، مبينا أن هناك أنواعا أخرى من الجهاد الذي لا يقتصر على الحروب والغزوات فقط «فهناك الجهاد بالقلب واللسان واليد والحجة والتدبير، وجهاد اللسان أكثر فعالية من الأسلحة في بعض الأوقات، وهناك جهاد الدفع (دفع الصائل عن الدين حسب الإمكان) وجهاد الطلب )(غزو الكفار في بلادهم)». وفي استعراضه آراء العلماء الذين فصلوا في الأمر، أوضح الفريدان أن هناك من يرى الجهاد فرض عين، وآخرون يعتبرونه فرض كفاية، وبعضهم ذهب إلى أنه مندوب إليه، لكنهم أجمعوا على اشتراط موافقة ولي الأمر «وهو فرض عين حين يلتقي الطرفان، المسلمون والكفار، أو إذا حاصر الأعداء بلاد المسلمين، أو استنفر الإمام وولي الأمر الناس إلى القتال». واختتم الفريدان حديثه بالإشارة إلى أن أهل الذمة والمعاهدين والمستأمنين في بلاد المسلمين وبيننا وبينهم مواثيق وعهود لا تجوز محاربتهم، واستشهد بأنواع الصلح «الصلح المقيد بزمن مثل صلح الرسول صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش في الحديبية، والصلح المطلق الذي لم يحدد له زمان وليس تأبيديا مثل صلح خيبر، وهناك صلح مؤبد وهذا باطل وغير صحيح شرعا». واستهل جيلان نصيبه من المحاضرة بالتحذير من الخطر الذي يتربص بالبلاد وأبنائها من أعداء الأمة الذين يعملون على إسقاط أهم مكتسبات الوطن الدين والشباب «فهناك فئة من شبابنا أغواهم بعض الجهلاء تحت غطاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فذهبوا يفجرون ويفسدون في الأرض». وفي حديثه عن تنظيم القاعدة، تطرق جيلان إلى الفظائع التي نجمت عن الفكر المتطرف «فلا شيء أسوأ من ترويع الآمنين وقتل المسلمين والأطفال والمستأمنين والمعاهدين مع ولي الأمر في بلاد المسلمين». وذهب جيلان إلى أن فكرة الجهاد مرتبطة بتحقيق المصالح ودرء المفاسد ويشترط لها القدرة والاستطاعة، مشيرا إلى أن الخطأ الجسيم الذي ارتكبه تنظيم القاعدة حين أعلن الجهاد من تلقاء نفسه مستندا إلى أسس فكرية واهية نجم عنها فظائع أثرت على الأمة الإسلامية جمعاء «فقادة التنظيم اليوم يعيشون صراعا نفسيا وداخليا وهم بين مصالح متصادمة لأن ما بني على باطل فهو على جرف هار». وتطرق جيلان إلى نجاح المناصحة في استقطاب أكثر من ألفي شاب ممن حاولت القاعدة استدراجهم إلى العراق «وكنت أسأل كلا منهم هل قرأت فقه الجهاد؟ فيقول لا». ثم استعرض جيلان بعض الصور لمن قضوا في تفجيرات المحيا والحمراء شرق الرياض، مشيرا إلى أن معظمهم كانوا من المسلمين. ثم استمع الحضور إلى فتوى الشيخ صالح الفوزان حول الجهاد الذي اتفق المحاضران على أنه موضوع طويل وشائك ويحتاج إلى أكثر من جلسة.