صورة الفرسان وهم ينطلقون بسرعة عالية على الجياد ليلتقطوا الأوتاد بالسيف والرمح في المناسبات الوطنية قديما، ومنظر فرسان بعض القرى وهم يتنافسون على التقاط ما كان يعرف ب «الطاقية» في الألعاب الفروسية التقليدية، هي مشاهد جميلة من تاريخ الفروسية السعودي تكررت كثيرا في المناسبات الوطنية والاحتفالات الشعبية في العديد من مناطق المملكة المختلفة، ولعل من أبرز هذه المنافسات والعروض ما كان يقوم به سلاح الفرسان بالحرس الوطني من عروض فروسية جميلة كانت وما زالت عالقة في الذاكرة. «التقاط الأوتاد» هي رياضة عربية عريقة تعد إحدى أبرز الألعاب الفروسية التي تميز بها فرسان المملكة العربية السعودية منذ عقود، فهي تعبر عن مهارة الفارس وذكائه وقوة تركيزه وتمكنه من جواده بالإضافة إلى التناغم التام بينه وبين جواده، فهي رياضة نبعت من أرض الفرسان والفروسية وقد عرفتها المملكة منذ أعوام طويلة، ولكن مع مرور الوقت وقلة العروض المقامة وعدم إقامة مسابقات بالإضافة إلى ضعف الدعم الرسمي؛ لإحياء مثل هذه الرياضة أخذت في الاندثار شيئا فشيئا حتى أصبحت شيئا من الماضي ومن تاريخ الفروسية الذي نحن إليه دائما. ما هذه الرياضة؟ وكيف اندثرت؟ ومن المسؤول عن توقفها؟ وما أبرز السبل لإعادة إحيائها وإقامتها؟ أسئلة كثيرة تبحث عن إجابة، واستفسارات عدة عن هذه الرياضة تدور في أذهان العديد من المتابعين والمهتمين بالفروسية السعودية. تعد رياضة التقاط الأوتاد من رياضات الفروسية الرائعة حيث أوجدت لنفسها مكانة كبيرة بين مختلف رياضات الخيل على مدى أعوام طويلة، ويصنفها البعض من بين الألعاب الشرطية القديمة، وهي رياضة جميلة مليئة بالكثير من التحدي حيث تعتمد بشكل كبير على مهارة وقدرة الفارس على تنفيذ حركات ومهارات معينة، وتقام لها بطولات رسمية منذ أعوام طويلة في معظم الدول العربية, كما شكل الاتحاد الآسيوي للفروسية أخيرا لجنة خاصة باسم لجنة التقاط الأوتاد واختير لإدارتها رئيس الاتحاد العماني للفروسية. وعلى الرغم من أن هذه الرياضة العريقة لم تجد تنظيما واضحا بشكل رسمي بحيث لم تخضع لشروط وقوانين ولم تقم لها مسابقات رسمية، باستثناء بعض العروض الخاصة بسلاح الفرسان في الحرس الوطني وفرقة الفرسان في الأمن العام، إلا أنها كانت تقام لأعوام في الاحتفالات والعروض الشعبية والتقليدية في بعض مناطق المملكة؛ بحيث إنها لم تجد أي دعم أو رعاية من الجهات الرسمية لاستمرارها وتطورها، بشكل يواكب تطور هذه الرياضة التي تم اعتمادها دوليا ووضعت لها الأنظمة والقوانين الخاصة بها. الجهات والمراكز الحكومية الخاصة بالخيل لا تعترف بهذه الرياضة ضمن أنشطتها الرئيسية ولا تنظم لها أي فعاليات وإن كان الاتحاد السعودي للفروسية هو الأقرب لهذه الرياضة إلا أنه لا يعترف بها أيضا ضمن الألعاب والرياضات التي ينظمها بحيث لا تندرج ضمن الفعاليات الرئيسية ولكن على الرغم من عدم الاعتراف بهذه الرياضة من قبل الاتحاد السعودي للفروسية، إلا أن هذا يتنافى مع هدف الاتحاد الرئيسي حيث جاء تعريف الاتحاد من خلال موقعه الإلكتروني الرسمي «الاتحاد السعودي للفروسية هيئة رياضية يهدف إلى الارتقاء بألعاب الفروسية وتكثيف ممارستها محليا والوصول بها إلى العالمية وتشجيع الأندية والهيئات على اقتناء وإنتاج وتدريب الخيل لأغراض ألعاب الفروسية وتوعية المجتمع بأهمية الفروسية وتاريخها وإنجازات المملكة تاريخيا في هذا المجال». وعلى الرغم من أن الاتحاد يشرف على ألعاب قفز الحواجز وسباقات القدرة والتحمل إلا أن هذه الرياضة هي إحدى الرياضات المهمة التي يجب أن تكون تحت مظلته لتطويرها والارتقاء بها. لعل إنشاء لجنة خاصة برياضة التقاط الأوتاد ضمن لجان الاتحاد السعودي للفروسية شيء مهم، حيث تقوم هذه اللجنة بوضع الأنظمة والقوانين الخاصة بهذه الرياضة بالإضافة إلى إقامة الدورات للفرسان والمحكمين والمهتمين، كما يمكن الاستفادة من خبرات بعض الدول العربية المتميزة في هذه الرياضة. ولعل أهم الأهداف في حال إدراجها ضمن ألعاب وأنشطة الاتحاد السعودي للفروسية هو الحفاظ على التراث العربي الأصيل المتمثل في بث روح الفروسية من خلال إعادة إحياء هذه الرياضة العريقة، بالإضافة إلى أن هذه الرياضة في حال تنظيمها ستكون رافدا جديدا لإنجازات الفروسية المستمرة بإذن الله .