في الوقت الذي يدعي فيه الكثير من الناس في مجتمعنا بأن الشباب هم عماد المجتمع، وهم حجر الزاوية في نهضة هذا البلد ورقيه، نجد أن هنالك أزمة ثقة في التعامل مع هذه الشريحة الكبيرة. فالشباب في ذاكرتنا الجمعية هي مرحلة الأخطاء والطيش، حتى أن كثيرا من الناس حينما يريدون أن يعبروا عن بعض أخطائهم يقولون بكل خجل: «هذي كنا نسويها أيام كنا شباب»، حتى وإن لم يكونوا شبابا في ذلك الوقت الذي ارتكبوا فيه تلك الأخطاء، فكيف يمكن أن نثق بمرحلة هي في ذاكرتنا مرتبطة بالطيش والأخطاء؟ أهي الشماعة التي دائما ما نعلق عليها أخطاءنا وزلاتنا؟ وكيف يمكن أن نوفق بين افتراض بأن الشباب هم عماد المجتمعات وبين هذه النظرة / الثقافة / الذاكرة المرعبة؟ فأجدر ما ينبغي على الشاب في هذه المرحلة تحديدا أن يحاول التبرؤ من شبابه علنا، وأن يقول لكل من يخاطبه بكلمة شاب «معليش أنا لست شابا» لأن الشباب في ثقافتنا، في ذاكرتنا، أصبح تهمة، حتى لو ادعى كثير من الناس بأنها المرحلة الأهم في رقي المجتمعات ونهضة الشعوب، فإن لم تستوعبوا ما هو مكتوب بالأعلى دعونا نتساءل: لماذا نرى كثيرا من المثقفين والمبدعين والمفكرين والنقاد بين الفينة والأخرى يرددون مصطلح «أدب الشباب» ويصنفونه وفق هذا المستوى، علما أنه أدب كغيره من الآداب وكأنهم يترفعون عنه وهم من نفترض فيهم بأنهم الجيل الواعي في المجتمع؟ أتصور أن السبب وراء هذه الذاكرة المخيفة أن غفران الأخطاء في مجتمعنا لا يأتي إلا إن كان الفرد شابا، فنحن لا نتصالح مع أخطاء المسنين أبدا، بينما نتصالح مع أخطاء الشباب، لذا كانت مرحلة الشباب هي المرحلة التي ربما تكون سببا في اغتفار الذنب. أعتقد أننا بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في تقييمنا لشرائح المجتمع من جديد.