شدني اليوم مشهد أمام محل تجاري كبير، كان على ما يبدو سائقا يقود «سلة» امتلأت بالمؤونة واعتلت فوقها كأنها جبل، وفجأة التوت إحدى العجلات وسقطت السلة وتناثرت المؤونة، ولثقلها لم يستطع السائق رفعها وحده، والرجل الذي يرافقه مع أطفاله ظل واقفاً يتفرج دون تقديم أي مساعدة حتى بإصبع، فقط اكتفى بالنظر شزرا، إلى أن تقدم للسائق رجلٌ آخر من جلدته وأعانه على رفع السلة مجددا. بعضنا ينظر إلى من يأتينا من خارج الحدود أنه ليس بشرا، أو أقل منّا إنسانية.. فهو يؤمن بإنسانيته كما كان الأوربيون يؤمنون بدمائهم الزرقاء، بعرقهم.. وكما يؤمن اليهود بأفضليتهم على البشر! يتجلى ذلك واضحا في معاملة فئة منا للخادمات، ضربهن، تعذيبهن حتى يشرفن على الموت أحيانا، ولا رابط إنسانيا أو دينيا يصحو وقت تنفيذ العقوبة على الآخرين، الرحمة التي تنمو في قلوبنا تغيب حينها، فقط لا تظهر إلا على من هم ضمن حدودنا الضيقة!. لا أعمم هنا، أعلم أنها مشاهد تطفو على سطح مجتمعنا من حينٍ لآخر، وما خفي أعظم وأعظم، لكن البعض ينسى أن الرحمة من صلب عقيدته.. أي عقيدة في الوجود تحث على الرحمة والترابط الإنساني والتكاتف، الناس فقط هم من يشوهون تلك الحقائق بعنصريتهم وسذاجتهم وأنانيتهم. الإنسان هو الإنسان.. خارج الحدود وداخلها، يشعر تماما كما نشعر، يتألم كما نتألم، يمرض تماما كما نمرض، يفرح ويحزن ويصيبه الإنهاك والتعب أحيانا، يحتاج إلى حبة الأسبرين كي يتعافى كما نحن. الغريب أن صوتنا يعلو ونستهجن لمّا نطالب بحق بسيط جدا لنا، وفي المقابل نكمم أفواه الضعفاء ونسلبهم حقوقهم.. كيف يرحمنا الآخرون إن لم نرحم الآخرين؟ والأهم كيف يرحمنا الله إذا لم نرحم؟! مدونة: ماسة زيوس