كشفت برقية جديدة سربها موقع ويكيليكس الإلكتروني، ونشرتها صحيفة الجارديان البريطانية، أن راهول غاندي، الذي ينظر إليه على أنه رئيس وزراء الهند القادم، قال للسفير الأمريكي في نيودلهي تيموثي رويمر إن جماعات هندوسية راديكالية قد تمثل خطرا أكبر من الإسلاميين الذين هاجموا مومباي عام 2008. قابل حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي المتطرف، وهو فصيل المعارضة الرئيسي، التصريحات التي أدلى بها غاندي بانتقادات فورية، ما أضاف عبئا إلى الجدل السياسي الذي أعاق البرلمان وصنع القرار في الهند، ويزيد الجدل من متاعب حزب المؤتمر الحاكم في الهند، الذي ينتمي إليه غاندي، والذي يكافح لاحتواء أضرار سببتها سلسلة من الانتكاسات الطائفية. وللهند تاريخ من التوتر بين الأغلبية الهندوسية والأقلية المسلمة، التي يصل عددها إلى نحو 200 مليون مسلم، ويبدو أن أحزابا سياسية عديدة تستفيد من هذا التوتر لكسب الأصوات، ولكن على حساب سقوط الكثير من الضحايا، وقدرت جماعات لحقوق الإنسان أن نحو 2500 شخص غالبيتهم مسلمون قتلوا عام 2002 في أعمال شغب بولاية جوجارات الغربية. وتزامن الكشف عن تلك البرقية، مع حلول الذكرى ال 18 لهدم المسجد البابري على يد متطرفين هندوس، حيث احتشد مئات الآلاف من مسلمي الهند في الداخل والخارج، رافعين الأعلام السوداء على المساجد، تعبيرا منهم عن حزنهم لهدم بيت العبادة التاريخي للمسلمين في الهند، في 6 ديسمبر عام 1992م ، في يوم وصفوه باليوم الأسود. وتزامن ذلك أيضا مع طعن تقدمت به الأسبوع الماضي جماعة إسلامية هندية على حكم قضائي بتقسيم موقع مقدس في بلدة أيوديا شمال الهند بين الهندوس والمسلمين، وكانت إحدى المحاكم أمرت في سبتمبر الماضي، بأن الموقع الذي شهد توترات دينية على مدى عقود، يتعين تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء، بحيث يكون جزء منه من نصيب المسلمين، والجزءان الآخران من نصيب الهندوس، وقدمت هيئة الوقف السني استئنافا لدى المحكمة العليا، قائلة إن الحكم غير صحيح وينتهك بنود الدستور الذي يعطي حقوقا متساوية لجميع الأديان. وكان متطرفون هندوس قد هدموا المسجد البابري في عام 1992، والذي يعود إلى القرن ال 16، عندما بناه «بابر» أول إمبراطور مغولي مسلم حكم الهند؛ ما أثار أعمال شغب واسعة قتل خلالها أكثر من ألفي شخص، أغلبهم من المسلمين، وظهر التواطؤ الرسمي من قبل الحكومة الهندية في ذلك الحين مع المتطرفين الهندوس الذين حرضوا على هدم المسجد، فقد كشف رئيس الوزراء السابق اتال بيهاري فاجباي عن موقفه صراحة من قضية المسجد البابري، عندما قال في أواخر عام 2000 إن بناء المعبد الهندوسي مكان المسجد البابري يأتي تعبيرا عن الأماني القومية، وإنه برنامج لم ينته بعد، في إشارة منه إلى ضرورة بناء المعبد، وبعد أن تعرض إلى الهجوم الشديد بسبب هذا التصريح الفج وغير الدبلوماسي، والذي يقف بجوار المتطرفين الهندوس، عاد ليقول إن قضية المعبد ستبت فيها المحاكم، أو بالاتفاق مع المسلمين. ويزعم الهندوس أن معبدا لإلههم رام، أنشئ في هذا الموقع قبل بناء المسجد، ويريدون بناء معبد جديد مكانه، وقال ظفريان جيلاني وهو أحد المحامين عن المسلمين لقد طعنا بوجوب عدم البت في دعوى قضائية على أساس من معتقد طائفة واحدة، وأن الحكم لا يستند إلى أدلة وثائقية، وأن الموقع المتنازع عليه كان مسجدا يتعين تسليمه إلى المسلمين الذين يصرون على إعادة بنائه، والوقوف في وجه المخططات الهندوسية التي تسعى لإقامة معبد وثني على أنقاضه، وتسعى لجنة العمل الإسلامية من أجل إعادة بناء المسجد، وأعلنت بعض الجماعات الإسلامية هناك أنها ستلجأ إلى القوة لوقف بناء المعبد الهندوسي. وكان رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج قد صرح أخيرا بأن النزاع حول مسجد بابري، يعد أحد أكبر التحديات الأمنية في الهند، ولكن هل تتعامل الحكومة الهندية بعقلانية وموضوعية تجاه هذا التحدي، أم تغلب الاعتبارات الطائفية والانتخابية وتستمر التوترات والصدامات إلى أجل غير معلوم؟ .