تحتفل الأممالمتحدة ومعها العالم، هذه الأيام، بذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، من خلال بيانات وفعاليات مختلفة، ولكن كان من الأفضل للمنظمة الدولية أن تتجاوز لغة الخطاب السياسي المفرط في الدبلوماسية والمجاملات، وتتبنى أدوات فاعلة للحد من الانتهاكات المتواصلة لتلك الحقوق من قبل الدول الأعضاء، ولا سيما من الدول الغربية التي طالما رفعت شعارات حقوق الإنسان في الوقت الذي تنتهكها كل يوم. ومنذ أن تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لم تلوح بمبادئ هذا الإعلان، وتهدد بعقوبات دولية مصاحبة لخرقها، إلا لدول العالم الثالث، في أبشع وسيلة استغلال سياسي لمبادئ إنسانية، وأصبح الكيل بمكيالين، وازدواجية المعايير رائدي الأممالمتحدة ومنظماتها الدولية المعنية في التعامل مع قضية حقوق الإنسان في العالم، حيث جرى تسييسها واتخاذها وسيلة للابتزاز السياسي. ومع حلول الذكرى ال 62 لصدور ذلك الإعلان البراق، ما الذي استجد على الساحة الحقوقية العالمية خلال العام الأخير، ليكون الاحتفال حقا تقييما عمليا لحجم الإنجاز في مجال حقوق الإنسان؟ المشهد الدولي يؤكد أن تلك الحقوق شهدت تراجعات وانتهاكات كبرى على يد «الدول الديموقراطية!» الكبرى، التي تتشدق بها، ولا تزال تقدم النصائح تتلوها التحذيرات للدول النامية بالتزامها المعايير الدولية لحقوق الإنسان. فماذا يقول المشهد الدولي الراهن عن حقوق الإنسان؟ أقدمت بريطانيا على تغيير قوانينها التي تسمح بمقاضاة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، وذلك لتلافي دعوات قضائية لاعتقال عدد من المسؤولين الصهاينة المتهمين بارتكاب تلك الجرائم بحق الفلسطينيين، وما تزال رحلات الطيران السرية بين السجون التي تديرها الاستخبارات الأمريكية تحلق في أجواء نحو 30 بلدا، بالإضافة إلى ما يمارس في تلك السجون من انتهاكات على نطاق واسع، وأخيرا اعترف الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش الصغير، أنه هو الذي أمر بممارسة التعذيب لإجبار المعتقلين لدى السلطات الأمريكية على الاعتراف، فلماذا لم تصدر مذكرة قضائية دولية بملاحقة الرئيس الأمريكي؟ خاصة أنه ترك منصبه ولم تعد له حصانة دبلوماسية، كما حدث مع الرئيس السوداني عمر البشير؟ رغم كونه ما زال متمتعا بتلك الحصانة، الأمر الذي يؤكد أن الأممالمتحدة غير جادة في شعاراتها.. وسلام على حقوق الإنسان!