اعتبرت جبهة بوليساريو أن القرار الصادر عن البرلمان الأوروبي المطالب بإجراء تحقيق دولي حول أعمال العنف التي شهدتها الصحراء الغربية في نوفمبر الماضي يشكل انتصارا للصحراويين، ويمنح القضية الصحراوية حصانة قانونية جديدة من طرف أهم مؤسسات الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان المعاصر، واعتبر رئيس الوزراء الصحراوي عبدالقادر الطالب عمر أن القرار الأوروبي يشكل شهادة دولية لصالحهم، في نزاعهم الطويل مع المغرب. وأكد النواب الأوروبيون في قرارهم أن الأممالمتحدة ستكون المنظمة الأجدر لإجراء تحقيق دولي مستقل من أجل توضيح الأحداث، وتحديد عدد القتلى وعمليات الاختفاء التي حصلت في مخيم اكديم يزيك قرب العيون، كبرى مدن الصحراء الغربية. ووجهت جبهة بوليساريو التي تسعى لاستقلال المستعمرة الإسبانية السابقة، اتهاما لفرنسا بإعاقة إجراء تحقيق مماثل من جانب مجلس الأمن في الأممالمتحدة، فيما أعرب المغرب عن الأسف للقرار الصادر عن البرلمان الأوروبي، واصفا إياه بأنه «متسرع ومنحاز» بحسب وزير الاتصال المغربي خالد الناصري، بينما أيدته الجزائر كما هو متوقع. وتحدثت الحصيلة الرسمية المغربية عن 13 قتيلا، منهم 11 عنصرا من قوات الأمن، فيما أشارت جبهة بوليساريو إلى سقوط عشرات القتلى. وبالنسبة إلى المغرب تعد مدينة العيون مركزا للصيد ومناجم الفوسفات، وبالنسبة إلى حركة البوليساريو الانفصالية، فإن مدينة العيون تعد العاصمة المحتلة للجمهورية الديمقراطية العربية الصحراوية، ولم تتمكن الحركة المتمردة من إدارة المكان، وليس من المحتمل أن يحدث هذا وفقا للظروف الحالية، وما زال هذا المأزق يعوق عودة العلاقات الجيدة بين المغرب والجزائر التي طالما أيدت حركة البوليساريو. ولمدة ثلاثة عقود كاملة حاولت الأممالمتحدة أن تعقد اتفاقا، وأحيانا كانت تقترب من التخلي عن الموضوع، وكالعادة فقد فشل ممثلو كل من الحكومة المغربية والبوليساريو في التوصل لحل في نوفمبر الماضي، تحت رعاية الأممالمتحدة، وفي حضور مسؤولين من الجزائر وموريتانيا، ويقول كريستوفر روي المبعوث الأخير للأمم المتحدة إن الوضع الراهن غير مستقر. وما زالت أعمال الشغب مستمرة منذ نوفمبر عام 1975، عندما بعث ملك المغرب حينئذ الحسن الثاني 350 ألف مواطن من الشعب المغربي ليتكتلوا على الحدود الجنوبية لإجبار إسبانيا- التي كانت تسيطر على الصحراء الإسبانية كما كانت تسمى في ذلك الوقت- على الانسحاب، وقد انسحبت إسبانيا بالفعل، ولكن أعقب ذلك اشتعال حرب لمدة 16 عاما مع محاربي البوليساريو الذين تدعمهم الجزائر. وبالمقاييس المغربية، فإن مدينة العيون تعد مزدهرة، فقد استثمرت حكومة الرباط فيها الكثير من الأموال في محاولة لأسر القلوب والعقول. وبالرغم من تطبيق وقف إطلاق النار منذ عام 1991، فهناك جو من التوتر يسود المدينة، وفي نقاط التفتيش الثماني تقف على أتم الاستعداد الشرطة السرية المتحمسة وسيارات قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وقد اعترفت 50 دولة بالجمهورية العربية الديمقراطية الصحراوية، بالرغم من أن حركة البوليساريو تقول إن 80 دولة قد اعترفت بهم قبل ذلك، ولكن الدول الإفريقية بالذات متقلبة، فأحيانا تمنح الاعتراف، وبعد ذلك تسحبه. وفى الغالب يعتمد هذا الأمر على علاقاتهم بالمغرب والجزائر. ويبدو أن الأوضاع هناك تسيطر عليها حالة من عدم الاستقرار