باعتبار السيد «ميم» ذلك الصديق العزيز جدا فإنني سأهنئه حتما على الأمورة التي أهداها للعالم أخيرا، وباعتباره تعبيرا فسيكون «مبروك» على كل سعادة يتكفل باستشعارها عنا! وباعتباره «ميسي» فسيكون هو أفضل من يهنئ صديقي بأسلوبه الذي يجيده وعلى ذلك النحو الخيالي من طريقة تسجيل الأهداف! كان النجم الأرجنتيني يبحث عنه بين الجمهور ليحتفلا معا بالفرحة المولودة للتو، فقد قال صديقي ذات يوم إن «ليو» الموهوب لم يكن سوى لاعب كرة قدم برتبة عازف، وجاء هذا الأخير ليثبت له نظريته تلك عمليا! العلاقة الغامضة بين الرياضة والموسيقى، والموهبة الهاربة من عنق زجاجة المستحيل، والواقعية الساحرة وإمكانية تطبيقها في لحظة انفلات من قوانين الطبيعة الكروية، جمعها الفتى الخجول جميعا قبل أن ينطلق بكل ذلك الجنون ليبعثر ما تبقى من عقلانية الخطط الهجومية، ويمنح الجمل التكتيكية المفيدة معنى جديدا له كل موقع من الإعجاب. انعتق من خجله للحظات ليكون أكثر الأشياء جرأة وهو يجتاح مساحة أكبر من الواقع وأصغر بقليل من حلمه، لم يتحول كائنا بورخيسيا تماما ولم يكن متاحا للرؤية بالعين المجردة عندما فاض دفعة واحدة ولم يدع للسابحين ضد تياره خيارا سوى الغرق مراعاة للواقع واستكمالا للمشهد الذي قدر لهم أن يكونوا «كومبارساته» غير المؤثرة على الإطلاق! لم يستغرق الأمر أكثر من عشر ثوان فقط قبل أن تتحول مباراة كرة قدم إلى عرض فني على الهواء مباشرة، ويدخل ذلك الفريق الأصفر التاريخ من خلال أوسع أبوابه التي سجل عليها ميسي هدفه الكارثة، ليردد الزمن من بعدها وإلى الأبد: «كان هنا فريق.. وكان فيه ما يسمى مجازا خط دفاع!». الكثرة لم تعد تهزم الشجاعة، والانبراشات ليست أفضل الوسائل فاعلية لعرقلة عاصفة في عز اندفاعها، واللاعبون سيئو الحظ الذين واجهوا ميسي بكل تلك الاستماتة لم يكونوا خيارا واقعيا لإيقافه، كان يفترض أن ينزل جمهور خيتافي أيضا ليدافعوا عن مرمى فريقهم أمام مشروع هدف يتماس على نحو جدي مع كرامة تشجيعهم، لكن الوقت لم يسعهم لذلك، وحتى لو وسعهم فلن يضمن لهم أن ميسي لن يجعلهم يتساقطون تباعا كما فعل بكل من صادفه أثناء انحداره كجلمود فن حطه سيل مهاراته من علِ! كرة القدم أسهل ما يمكن لهذا الولد فعله، والركض بها يجعله أسرع من الركض بدونها، قد تأتي لحظة ويسبق كرته إلى شباكها، وربما يأتي وقت تسجل الأهداف فيه نفسها بنفسها، فلا يحتفل بها إلا ليونيل ميسي!! باعتبار السيد ميم هو «مارادونا» فقد أهداه ليو ذلك الهدف إيذانا بتحول الأسطورة أمرا قابلا للتكرار في ظل بيئة أرجنتينية ملائمة.. وباعتباره «مايسترو» فسيصبح العزف المنفرد لميسي سيمفونية «تانجو» جديدة تؤديها فرقة إسبانية صفراء! وباعتباره صديقي، فسيحتفل بابنته بطريقة لا تقل روعة عن ذلك كله! هيثم السيد الإهداء إلى السيد «م»