تذكرون أيام الهاتف الثابت والإزعاج، أعني قبل 30 سنة لما يجيكم اتصال من واحد «غبي غثيث» ويحرقكم بالتليفونات، كل يوم وهو داق عليكم، يستهبل و«يرمي كلام» أو يسكت ويستمع لكم، والكارثة الكبرى أن ما لكم حل إلا الدعاء عليه أو تبادل الشتائم معه أو نصحه إن تقبل النصح، أو تكون الطريقة المثلى عند البعض تبادل الإزعاج يعني إذا تدق عليه في اليوم خمس مرات أدق عليك عشر مرات! «ما فيه كاشف رقم والشعب طايح في بعضه»! أنا كنت لا ألومهم لأن الهاتف الثابت كان وسيلة الترفية الأولى! لا تتعجبوا.. في زمن لم يكن فيه «الإنترنت والشبكات الاجتماعية» وكان التليفزيون عبارة عن غصب 1 وغصب 2 التي ظهرت بعد سنوات! كان كثير من الشباب يجد في الهاتف الثابت وسيلة ترفيه وإزعاج وتسلية، فهو بأي حال من الأحوال لن يتم التعرف عليه ولو بعد حين.. لذلك يمارس هوايته بضغطات عشوائية على الهاتف ليطلب أي رقم، ثم يبتدئ في الاستهبال! اليوم وبعد 30 سنة لا يزال هنالك «فارغون» يستخدمون هذه التسلية الغبية! اليوم تطورت كثيرا مع الهاتف الجوال، هنالك تسجيل للمكالمات ونشرها على المواقع الاجتماعية كاليوتيوب وغيرها، بل وصل الأمر إلى أن هنالك «أبطالا ومشاهير» تتناقل تسجيلاتهم كثير من المواقع، فهنالك من هو متخصص في استهباله مع موظفي شركات الاتصالات، ومنهم من يستهبل على موظفي البنوك، ومنهم من يستهبل على مذيعي القنوات الفضائية، وهذه أشد وأخطر لأنها تنقل صورة سيئة عن السعوديين! ويكفي أن تتصفح اليوتيوب وتكتب «مكالمة + استهبال» لترى مدى انتشارها، معقولة إلى الآن مازالت هذه العادة الغبية موجودة؟! الجميع بلا استثناء أصبح هدفا لهم، حتى المشاهير هنا في السعودية لم يسلموا منها، سواء مشاهير الفن أو الرياضة أو الدعوة، وفي كل المجالات الأخرى لابد أن تجد تسجيلات مضحكة لأحدهم! بالمناسبة، أعتقد أن الجميع استقبل مكالمات «استهبال هكذا» أو كانت بقصد الغزل، ومشكلة بعض الشباب أن ما عنده أسلوب، ومن بداية المكالمة يتضح أنه يبي يغازل، ويتأكد من الرقم هو لبنت أو لا.. شخصيا تجيني أحيانا مكالمات من هالنوع على اعتبار أن رقمي «عداد كهرب» من كل حارة رقم! لذلك قد يظن بعض الأذكياء أنه رقم بنت ويتصل وإذا بصوتي يستقبله بكل خشونته، هو أكيد بتنسد نفسه وينخرع، ودائما بعد ما يصحى من الخرعة يسأل السؤال الدائم «هذا جوال خالد؟» أنا مدري ليه كل الشباب لا بغو يستهبلون يختارون نفس الاسم، ونفس السؤال «هذا جوال خالد؟». ودائما ردي يجي مستفز وغير متوقع وأرد وأقول «نعم جوال خالد، آمر طال عمرك»، فهو ينصدم المسكين يتوقع أني بقول لا غلطان وتنتهي المكالمة، فيزداد ارتباكه ويبتدئ يتعذر أو يقول هذا مو صوت خالد، أو يسكر الخط لضمان حفظ ماء الوجه!. شخصيا الأمر يستفزني، يعني ليه كمية هالاتصالات وانتشار هالطريقة في الاستهبال عند بعض السعوديين؟ لماذا تنتشر عندنا هذه العادة الغبية حتى صار لها رواج كبير جدا، وأصبح لدينا مشاهير في هذا الفن ومواقع متخصصة بل وأساليب وحتى مدارس في الاستهبال، يعني استهبال أهل الحجاز غير أهل الرياض أو القصيم أو حائل أو الجنوب!. أنا لست ضد الترفيه عن النفس والضحك، ولكن هناك أفكار أخرى وطرق أخرى.. مثل مقاطع الفيديو المضحكة التي يصورها الشباب، والصور بأفكارها الرائعة، لكني ضد هذه الطريقة في الإضحاك والتي تعتمد على الاستفزاز وربما السب والشتم أحيانا! أخيرا هل هي وسيلة ترفيه أو حالة مرضية عند البعض أو حالها كحال الأمراض النفسية الأخرى.. أم أنها من «خصوصيات مجتمعنا».. شخصيا لا أملك الإجابة ولا أجد تفسيرا لهذه العادة الغبية جدا. مدونة سفر بن عياد