أن تكوني امرأة سعودية، فأنت جاهزة للتعليب داخل إطارين، إما أن تكوني «سافرة» الوجه لا تلتزمين بتغطيته كما يجب وفقا لمفهوم الحجاب الخاص بهم، أو تكوني «ملتزمة» حال تغطيتك إياه، وفي حال كونك سافرة الوجه، فأنت حتما لست امرأة فاضلة عند بعضهم، بل قليلة أدب عند آخرين، فليس هناك عائلة محترمة تربي ابنتهم على «كشف الوجه» فهي مثار فتنة، ومخربة البيوت، وسبب دمار المجتمع، ومرتكبة للمعاصي والآثام، وبالتأكيد ضمنا أنها لا تمانع من تكوين صداقات مع الشباب، كون أهلها لا كلمة لهم ولا وجود، فهم لم يعارضوا أساسا كشفها لوجهها! ولذلك يجوز للناس أن ينظروا إليها «شزرا» وباستنكار، ولا بأس من نظرات الاحتقار كذلك، وإن مر الناس بها، فمن المؤكد أن هذه الفتاة السعودية السافرة سوف تتلقى عبارات من شاكلة «استغفر الله العظيم» و«العياذ بالله»، ومن الواجب أيضا نصحها أو توبيخها وفقا لمعيار «السفور المحرم» لدى الآخر، سواء كان ذكرا أو أنثى، فيستوقفونها ويلقون على مسامعها جملا جاهزة تبتدئ بالوعيد وتنتهي بجهنم! الغريب أن هناك العديد من الأشخاص يمنحون أنفسهم حق ارتداء عباءة الوعظ والنصح الديني ليتطفل ويسمح لنفسه بالتدخل في شؤونك الخاصة، دون احترام أو مراعاة لرغبتك أو مذهبك أو حتى قناعاتك الشخصية، أو على الأقل «نفسيتك»، ليصبح مجرد الذهاب إلى ملاه نسائية مغلقة كابوسا مزعجا، فعوضا عن جحافل الناصحات اللاتي يتفرغن لنقدك وتقريعك وإعطائك كتيبات الجيب التي تتوعد المسلمة بالنار والحرق لكشفها وجهها، تكون الطامة حين تسمع شتيمة من طفل لم يتجاوز العاشرة، لإحدى «السافرات» يصفها فيها ب «قليلة أدب». أن تكوني «سافرة الوجه»، وفي الرياض، هي مغامرة غير محسوبة العواقب، سواء قررت التسوق في أحد المولات أو احتساء القهوة في كافيه أو العشاء في مطعم بالمنطقة المكشوفة، وهذه حكاية أخرى، وكي لا أنسى التصنيف الثاني من السعوديات، «الملتزمات بالنقاب»، فهناك تصنيفات فرعية جديدة، بين نقاب ولثام وغطاء، وما يترتب على كل منها، وأعتقد أن المساحة لا تكفي لهذا اليوم، فأستسمحكم للتتمة في الأسبوع المقبل، وكل سفور وأنتم بخير.