في ظل الحملات المتكررة على تجمعات المخالفين أسفل كوبري الستين الشهير في جدة، آثرت بعض النسوة توجيه بوصلة إقامتهن نهارا نحو الشمال، حيث الأحياء الراقية ومنازل الأثرياء، واتخذن من إحدى الساحات قرب شارع التحلية أماكن لتجمعهن ونقطة ارتكاز للانطلاق في ممارسة التسول في إشارات المرور والمساجد. وتتجمع النسوة تحت ظلال الأشجار الوارفة في الشارع منذ الساعة 12 ظهرا وحتى الرابعة عصرا، يلتقين ويتناولن الطعام الذي يجمعنه من «غلة الصباح» ويؤدين الصلاة ويسترحن قليلا لأن هنالك جدول عمل مرهقا في انتظارهن منذ العصر وحتى الليل الذي يقضينه في أحد المواقع التي لم يفصحن عنها خوفا من ملاحقات الدوريات الأمنية. وتعمل النسوة على التقاط الوجبات الصالحة للأكل من قرب حاويات النفايات، أو التسول من المارة، كما يعمل بعضهن في جمع الكراتين وبيعها، فيما يجود بعض المحسنين عليهن بالطعام والمال معا، خاصة أن كثيرا منهن يصطحبن أطفالهن. عدد من المتخلفات ذكرن ل «شمس» أنهن حضرن إلى هذا المكان هربا من الحملات المتكررة على الموقع، ومن المضايقات التي يجدنها من سكان الكوبري أنفسهم، خاصة النسوة اللاتي يصنعن نوعا من «الشللية» وتكون لهن السيطرة على المكان ويضايقن غير المنضمات لهن «فضلنا الانسلاخ والاستقلال للعمل في سلام في هذه الأحياء الهادئة، وتحديدا ما بين شارعي التحلية والروضة». وذكرت إحداهن أنهن كن يقمن قرب كوبري الستين إلا أنهن تعرضن للمضايقات من نسوة أخريات، لذلك فضلن الاتجاه شمالا بناء على نصيحة إحدى صديقاتهن «هنا الوضع أفضل، لوجود المطاعم الكبيرة والمارة الذين يتصدقون علينا»، مشيرة إلى أن جنوبجدة منطقة شبه مغلقة أمامهن حيث تسيطر عليها مجموعات من النساء لا يسمحن لهن بالعمل «لا نمتهن التسول بشكل أساسي، حيث نمارس بعض الأعمال مثل جمع الكراتين والعلب المعدنية» .