أن يتم الإعلان عن مشروع عقاري يعرض عليك شراء شقة سكنية بمساحة صغيرة لا تتعدى 130 مترا مربعا خارج الرياض بمسافة 30 كيلو مترا بقيمة 500 ألف ريال فهذا إعلان صريح بدخولنا مرحلة «الاستهبال الاستثماري». حقبة الاستهبال العقاري بدأت ملامحها بعد إعلان نشر في جميع الصحف السعودية يروج لهذا المشروع. وكأي مواطن سعودي يبحث عن فرصة لتملك سكن خاص حتى لو كان في بطون الأودية والشعاب، قررت شد الرحال نحو الصحراء الحلم وذهبت للمشروع بعد أن قررت التفريط بثلاث ساعات للوصول إليه لأرى صحراء قاحلة بمدخل وحارس أمن وفلتين نموذج وخريطة كبيرة يقولون إنها هي المشروع بعد سنوات من الآن ويطلبون مني أن أشتري شقة صغيرة على الخريطة بمبلغ نصف مليون ويتم تسليمها لي بعد ثلاث سنوات.. استوعبتم؟ سيقومون بالبناء على حسابي أيضا. هذا ما أضحى يسمونه الآن «الشراء على الخريطة» والمصرح من الجهات الرسمية. عدم وجود أي برامج حكومية فعالة تساعد المواطن على تملك سكن خاص جعل هذه الشركة «تستهبل استثماريا» وتقرر بيع الصحراء شققا سكنية بأموالنا. والمشكلة الأخرى هي هذا النظام الجديد المسمى «البيع على الخريطة» الذي يؤكد مدير مبيعات الشركة أنهم أول من تم التصريح لهم بذلك من قبل وزارة التجارة، وهو ما يخول التاجر أن يبيع الأحلام لنا بالتقسيط. هذا النظام يخول للشركة جمع الأموال من الناس بغرض البناء لهم وتسليمهم بعد مدة، ولكن لا أحد يضمن لك أن هذه الشركة أو غيرها لن تعلن إفلاسها في أي وقت أو أن تقرر تأخير المشروع. ببساطة، هذا النظام هو الصورة الرسمية الجديدة للمساهمات العقارية القديمة والتي أنهكت مئات الآلاف من المواطنين وسرقت مدخراتهم فهل تضمن لنا وزارة التجارة مدخراتنا بهذا النظام؟. بيعوا لنا الصحراء.. نريد فقط أسعارا معقولة للنوم خارج المدينة.