مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعية -خاصة الفيسبوك- وشيوعها بين مستخدمي الإنترنت، تبدلت الصورة الذهنية العامة التي يختزنها الناس عن الوزراء والمسؤولين، وربما يعود الفضل في ذلك إلى الدكتور عبدالعزيز خوجة، وزير الثقافة والإعلام، الذي أحدث بتدشينه صفحة شخصية على الفيس بوك، تحولا هائلا في النظرة السائدة التي يحملها الشباب السعوديون عن الوزراء، التي تتسم بالصرامة والجمود، أو «الثقل» بالتعبير الدارج. وتفاعلا مع هذه الخطوة، احتفى رواد الفيسبوك به وتقاطروا إلى صفحته لتسجيل حضورهم ك«أصدقاء افتراضيين» حتى بلغ عددهم خمسة آلاف صديق، وهو العدد الأقصى المسموح به. ويذكر للدكتور خوجة أنه شجع زملاءه الوزراء، فلم يلبث وزير العدل الدكتور محمد العيسى أن أنشأ صفحة شخصية ثم صفحة معجبين Fan Page بعد أن امتلأت صفحته الأولى بالعدد الأقصى، ثم استهل وزير العمل الجديد الأستاذ عادل محمد فقيه، مشواره الوزاري بصفحة معجبين أيضا. وزير وشاعر قد لا يكون غريبا على الدكتور خوجة أن يتصرف بهذه السماحة، فهو معروف بدماثة خلقه وابتسامته التي استقطبت له المعجبين حتى من خارج الوسط الثقافي، فما أجمل أن ترى وزيرا يتجاوب مع رسائلك بيسر وسهولة دون أن تمر بمكتب سكرتيره! ولأن الدكتور خوجة لا يهمل أي رسالة من أي زائر، فهو يطالب على الدوام بأن يكون التواصل معه عبر الرسائل النصية التي يتيحها الفيسبوك لمستخدميه حتى يتجنب الإحراج مع من يفتحون نوافذ للمحادثة معه، ولكي يتمكن من إرضاء الجميع والإجابة عن استفاراتهم وطلباتهم. ومنذ دشن الوزير هذا «الفتح الإلكتروني» الجديد، دأب على الكتابة هناك بصورة شبه يومية، على أن أغلب منشوراته تقتصر على قصائده البديعة، لكن أكثر رسائله انتشارا كانت بعنوان «رسالة إلى المبتعثين» وهي خطاب للطلبة السعوديين في الخارج حاول فيه الوزير أن ينصح أبناءه الطلاب وأن يدافع عنهم ويشد من أزرهم، وهي الرسالة التي اشتهرت على نطاق واسع، إذ تلقفتها المنتديات والمواقع الإخبارية والمدونات الشخصية. كما نشر الوزير قصيدة «الملك الجليل» التي يخاطب بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في اليوم الوطني، وهي التي تغنى بها فنان العرب محمد عبده، ولاقت انتشارا واسعا، وكذلك نعيه الوزير «غازي القصيبي»، ومقالة «الجريمة والعقاب: اسرائيل تفوقت على نفسها!»، ومن آخر أشعاره المنشورة «قلب في مهب العشق». ويتضح أن شخصية الشاعر تطغى على صفحة الوزير، لتبدو فعلا كمتنفس جميل من ضغوطات الوزارة والعمل، فالوزير أبدى تفاعلا مع عدد من القضايا والنقاشات التي أثيرت على الفيس بوك، أو المواقع الإلكترونية، كما حدث مع حجب رواية بشائر محمد، وقضية الإعلامية روزانا اليامي، وغيرها، حيث باتت صفحة الوزير على الفيس بوك تتلقى من وقت لآخر استغاثات ثقافية، إن صح التعبير. صفحة.. دون تفاعل أنشأ وزير العدل الدكتور العيسى صفحته الخاصة التي سرعان ما اكتفت هي الأخرى بالعدد الأقصى من الصداقات «خمسة آلاف شخص»، فأنشأ الوزير صفحة شخصية ثانية لم يتجاوز عدد الأصدقاء فيها 350 صديقا، بينما لم تتجاوز صفحة معجبيه 550 شخصا، وكان الوزير فيها أقل تفاعلا عن صفحته الشخصية أو مع المعجبين، إذ إن المقالات المنشورة غالبا ما تكون منقولة من كتاباته في صحيفة القضاة الإلكترونية، وهناك العديد من تساؤلات الأصدقاء تركت دون إجابة في صفحة الوزير منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وعلى الرغم من هذه الخطوة الجميلة من الوزير في الانضمام إلى الفيس بوك، إلا أن التفاعل يظل مطلب الجميع، خصوصا في ظل التحركات لتطوير جهاز القضاء في المملكة، وتزايد الأخبار الصحفية عن تظلمات من القضاة والقضاء، فصفحة وزير العدل بحاجة إلى إدارة جيدة لتكون نقطة تلاق مع الشباب. محاربة البطالة.. إلكترونيا أحدث المنضمين لعالم الفيس بوك، هو المهندس عادل محمد فقيه، وزير العمل السعودي الجديد، الذي أنشأ صفحة معجبين Fan Page، في الشهر الماضي، وأطلق عليها «حوار مع الوزير» مستهدفا فتح حوار مباشر معه، وتجاوز عدد المعجبين 5600 شخص، وبدا العمل المؤسساتي واضحا على الصفحة، سواء من فريق عمل إدارة الصفحة، أو كيفية التفاعل مع الموضوعات. واستهل الوزير فقيه مشواره «الفيسبوكي» بطلب أهم الموضوعات للنقاش حولها، وتمخضت عن خمس قضايا، هي «مخرجات التدريب المهني»، «تحسين أداء خدمات مكاتب العمل»، «البطالة»، «تحديث أنظمة وزارة العمل»، «تحديث نظام الكفالة»، ليبدأ النقاش حول مشكلة «البطالة» في صفحة المعجبين، وتجاوز التفاعل معه بقية الموضوعات بين رد وإعجاب، ولكن التساؤل هو عن الخطوات القادمة، خصوصا أن وزارة العمل تمس الشباب بشكل مباشر في أرزاقهم. يتبين لنا اختلاف الأهداف وأسلوب التعاطي بين الوزراء الثلاثة مع صفحاتهم على الفيس بوك، فبينما يمتاز الوزير خوجة بالحضور الشخصي الحميم واللطيف في ظل غياب شبه كامل لمسؤوليات الوزارة والوزير، إلا أنه يتفاعل إيجابا مع القضايا الإعلامية والثقافية، ويبدو حضور الوزير العيسى مغيب الهدف والتفاعل، ويأتي حضور الوزير فقيه كمسكن إعلامي أو جزء من «حملة علاقات عامة»، فالحضور بثقل شخصية ومسؤولية وزير عمل، ولكن الموضوعات والبحث عن حلول لمشكلات معروفة تم تناولها في الصحف والمواقع الإلكترونية وحتى المجالس منذ أعوام، وهو أمر مستغرب!