بشكل يكاد يكون يوميا تصلني على البريد الإلكتروني أو على صفحة الفيس بوك الكثير من دعوات التضامن الاجتماعية أو المقاطعة لأي منتج يتم رفع سعره من قبل المورد. هذه الحملات حين نقرأ عنها للوهلة الأولى يدهمنا شعور بأن حس المسؤولية الاجتماعية لدى الفرد قد تطور وتحول من دور المتفرج الصامت إلى دور آخر أكثر فاعلية، لكن حين نقترب من هذه الحملات ونقيم تأثيرها، نكتشف أنها لم تكن سوى فزعة من نوع «مع الخيل يا شقرا»!. بل إن أكثر المنضوين تحت لوائها هم من الشباب الذين لا يملكون الحد الأدنى من الوعي بحيثيات القضية التي تضامنوا معها. والطريف في الأمر أن الكثيرين خصصوا لها صفحات كاملة على شبكة الإنترنت، لكنها لا تحتوي لا على رؤية واضحة لآلية عمل الحملة، ولا حتى الهدف الذي تسعى للوصول إليه وتحقيقه، بل إن بعضها كان مجرد عنوان خال من أي تفاصيل أو أهداف. مثل هذا النوع من الحملات قد يتسبب على المدى القريب بأضرار مادية ومعنوية وذلك بتنمية حس الاحتجاج الواهي لدى الجيل الشاب، كتلك التي نظمتها جماهير أحد الأندية الرياضية ضد شركة للاتصالات ترعى فريقا منافسا له!. ومع الوقت، قد تستغل هذه النزعة الغوغائية من أحد التيارات المتشددة في محاربة تيار آخر مخالف له في الرأي. لذا يجب ألا نقف صامتين أمام مثل هذه الظاهرة التي انتشرت في مجتمعنا، بل علينا كأفراد أن نقف في وجه من يروج لها ونحارب كل ما من شأنه أن ينشر التفرقة بين شرائح المجتمع ويهدد استقراره. التضامن الاجتماعي دليل على رقي ووعي أفراد المجتمع وإحساسهم تجاه المسؤوليات الملقاة على عواتقهم، لذا يجب أن تكون مثل هذه الحملات الاجتماعية أكثر تنظيما ووضوحا وأكثر جدية لتحقق الأهداف بفاعلية أكثر لتعكس في الوقت ذاته وعي هذا المجتمع وثقافته.