حسمت وزارة التربية والتعليم، أمس، ضجة إعلامية منذ أكثر من عام، صاحبت شائعات مفادها إلغاء التقويم المستمر في المرحلة الابتدائية. ورغم أن بيئة الشائعة تولدت منذ عام تقريبا، وتحديدا خلال الاجتماع ال18 لقادة العمل التربوي المنعقد في مكةالمكرمة «يونيو 2009»، إلا أن الوزارة سارعت في نفس التوقيت للنفي جملة وتفصيلا، والتأكيد على استمرار التقويم المستمر. لكن الوزارة التي ربما رأت في النفي أنه لم يصل للغرض، خاصة أن الشائعة أصبحت مثلما «طارت الطيور بأرزاقها»؛ لأنها جاءت مع نهاية السنة الدراسية الماضية، عادت في أبريل الماضي للتأكيد على النفي من خلال أخبار تؤكد استمرارية التقويم المستمر، على لسان مسؤوليها، وآخرهم في أبريل الماضي، حيث نفى المدير التنفيذي للمشروع الشامل لتطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم محمد عبدالله البيشي في اللقاء التعريفي للمشروع بإدارة التربية والتعليم بمنطقة جازان، الأخبار التي تحدثت عن إلغاء برنامج التقويم المستمر قبل أيام مدللا على ذلك بالمناهج الجديدة التي سيشرع فيها في العام المقبل حيث سيبدأ تدريس الوحدة الأولى منها «الصف الأول الابتدائي والصف الرابع الابتدائي والصف الأول المتوسط» حيث سيتم تطبيق التقويم المستمر على مواد اللغة العربية والتربية الإسلامية والدراسات الاجتماعية والوطنية «التاريخ والجغرافيا – الوطنية» في الصف الأول المتوسط مثلا بديلا للاختبارات التحصيلية المطبقة منذ بدأ التعليم في المملكة. تصحيح لم يصل ومع وضوح النفي، لم يرق للوزارة أن التصحيح وصل، والمفهوم عم الأوساط التربوية التي لاكت الشائعة «كالنار في الهشيم»، دون وضوح للفائدة التي تعود على معشر المعلمين إذا ما صدق خبر الإلغاء. والبارحة عادت الوزارة للتأكيد «ربما الأخير»، على النفي، من خلال رؤية جديدة عقدت خصيصا لتناول النفي من بوابة اللقاء، الذي حمل صراحة عنوان «التقويم المستمر: إتقان وتطوير». وفي اللقاء الذي كان يفترض أن يشهده نائب وزير التربية والتعليم فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، أعلنها ثلاثة مسؤولين في الوزارة «لا إلغاء مطلقا للتقويم المستمر»، حيث شدد في البداية نائب وزير التربية والتعليم لتعليم البنين الدكتور خالد السبتي، الذي افتتح اللقاء، على: «أهمية التقويم المستمر ودوره في تطوير العملية التعليمية بما يتواكب مع مستجدات العصر ومتغيراته»، إلا أنه فتح الباب للحضور في الخروج بتوصيات مفيدة في إطار استمرارية التقويم المستمر، والخروج «بتوصيات عملية ملموسة وقابلة للتطبيق¡ وأن يحمل الفائدة والشفافية ويحقق الأهداف التي أقيم من أجلها». الصرخة الثانية وجاءت التأكيدات الأخرى، أو ما يمكن تسميته اصطلاحا «الصرخة الثانية» من وكيل الوزارة للتخطيط والتطوير الدكتور نايف بن هشال الرومي، الذي شدد على أن: «المستجدات في الميدان التربوي، ودخول متغيرات ذات تأثير على عملية التعليم والتعلم جعلت من التقويم أداة رئيسة لتجويد التحصيل الدراسي». إلا أن الرومي أعلن بوضوح أهمية معالجة الخلل الذي وراء الشبهات في التقويم المستمر، داعيا إلى: «أهمية الحاجة إلى المتعلم النشط الفاعل في المواقف التعليمية، والحاجة إلى تجويد ما يمتلكه المتعلم من مهارات وظيفية.. والتقويم يعتبر أحد الأدوات التي تساعد على تحقيق ذلك بشكل علمي ومهني». وشرح الهدف من اللقاء: «ندوة التقويم المستمر المعقودة، تشتمل على خمس أوراق علمية يقدمها متخصصون في التقويم التربوي، وسوف تضيف هذه الأوراق ما يصبو إليه التربويون عامة ووزارة التربية والتعليم خاصة في تحقيق أهدافها التي نظم من أجلها هذا اللقاء، متمنيا أن تنعكس ثمارها على الميدان التربوي ويعود على الطلاب والطالبات بما فيه مصلحتهم». وبين أن «عملية التقويم المستمر أوكلت إلى بيت خبرة محايد، تم تكليفه للقيام بدراسة كاملة عن الستة أعوام الماضية من التطبيق¡ على أن تؤخذ نتائج تلك الدراسة وهذه الورشة من قبل خبراء ومختصين في التقويم المستمر لدراستها بعناية بغية الوصول إلى تحقيق الأهداف التي أقيم من أجلها». وحسم الأمر بالتأكيد على «استمرارية تطبيق التقويم المستمر على المرحلة الابتدائية، وأن وزارة التربية والتعليم تحاول الوصول إلى الطريقة المثلى لرفع مستوى التقويم المستمر في هذه المرحلة». الصرخة الثالثة أما الرؤية الثالثة فجاءت على لسان مدير المركز الوطني للقياس والتقويم الأمير الدكتور فيصل بن عبدالله بن مشاري آل سعود، والتي عززت حديث الدكتور الرومي، حيث أكد على أن: «التقويم المستمر من ناحية المبدأ ومن الناحية النظرية فكرة تربوية ناجحة، تحتاج إلى رفع مستويات المعلمين، وتدريبهم لمعرفة أهداف التقويم المستمر من أجل تطبيقه على الواقع بشكل جيد، إضافة إلى أهمية رفع مستوى الطلاب أنفسهم وتكييفهم على التعامل مع التقويم المستمر والأهداف التي أقيم من أجلها». صرخة محايدة وجاءت الصرخة المحايدة من الخبير في جامعة مانشستر الدكتور وليام فرانسيس بويل، الذي أشار إلى أن «أفضل طريقة لتحسين العملية التعليمية للطلبة ستكون من خلال التقويم المستمر، وذلك لتسريع جودة العملية التعليمية». وكرر تأكيدات الأمير الدكتور فيصل بن عبدالله، الدكتور الرومي من أنه «لضمان نجاحها يجب اعتماد التقويم المستمر بشكل متواصل وتدريب المعلمين على ذلك» .