يقوم الرئيس الأمريكي الأسبق جيمى كارتر هذه الأيام بجولة في ربوع بلاده للترويج لكتابه الجديد الذي يحمل عنوان «يوميات البيت الأبيض» الذي يعرض فيه محطات ولايته الرئاسية من خلال ملاحظات دونها في تلك الفترة التي امتدت بين عامي 1977 و1981. وأسهم كارتر أخيرا في تسوية ملفات مثيرة للجدل وخرق بذلك قانونا غير مكتوب يفرض على الرؤساء الأمريكيين السابقين نوعا من التحفظ .. رغم أنه برهن على أن العمل السياسي ليس مهنة، بل رسالة لا تنتهي، كإخلاصه المستمر لهوايته للنجارة في عشق المنشار والخشب والمسامير. الرياض. بعد أن أصبح كارتر في عامه ال86، فقد سقط قبل أيام من إرهاق الرحلات الجوية خلال جولة الترويج للكتاب ونقل على عجل إلى مستشفى في كليفلاند بولاية أوهايو حيث أمضى ليلة كاملة قبل أن يواصل جولاته. ورغم تقدمه في العمر، إلا أنه ما زال يجوب الكرة الأرضية في مهام دبلوماسية وغيرها. فقد أشرف على انتخابات في دول العالم الثالث، وتوسط لوقف حروب أهلية. ونال جائزة نوبل للسلام وكافح، مع زوجته روزالين؛ لمحاربة الملاريا في إفريقيا والأيدز في الهند. ولم يبعده انشغاله بالسياسة عن حبه الأول وهو تأليف الكتب، إذ يملك كارتر 26 كتابا منشورا، تتراوح بين السياسة والمذكرات الشخصية وكتب الأطفال. وما زال كارتر مثيرا للجدل الآن أكثر من ذي قبل، خاصة بعد أن أثار كتابه «فلسطين سلام لا فصلا عنصريا» الذي شبه فيه ممارسات إسرائيل بالفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ضجة كبيرة. وتتمثل القيمة الرئيسة للكتاب الجديد في أنه يحتوي على توثيق لمدونات رئاسية يومية لم تخضع إلا لقليل جدا من التعديلات التحريرية. يقول كارتر في وصف يومياته «أثناء ولايتي التي استمرت أربعة أعوام في البيت الأبيض، واظبت على تدوين يومياتي الشخصية التي حوت أفكاري وملاحظاتي التي أعيد كتابتها مرات عديدة يوميا. وقد أسجل ملاحظات سريعة مختصرة لأكتبها لاحقا. وحين يسمح الوقت، كانت سكرتيرتي سوزان كلو تطبع تلك الملاحظات وتحفظ الصفحات المدونة عليها في ملفات كبيرة. ولما كانت هذه المدونات قد كتبت في الأصل لأغراض شخصية، لم أكن أهتم كثيرا بإعدادها يوما للنشر العام، لذلك فقد تركتها كما كتبت في الأصل إلى حد كبير، باستثناء الاختصارات التي تطلبها إعداد الكتاب، وغيرها من المسائل الفنية التحريرية المتعلقة بالنشر. وعلى القراء أن يدركوا أنني ما كنت أعيد كتابة أي مدونة من المدونات التي حواها الكتاب، بحيث تعكس وجهة نظري الجديدة إزاء موقف أو مسألة كان لي فيها رأي سابق من قبل، دونته في اليوميات الأصلية». ويستطرد المؤلف موضحا «لكنني فوجئت حين حانت لي وزوجتي روزالين العودة إلى موطننا الأصلي بولاية جورجيا، أنه كان في معيتنا 21 مجلدا ضخما من تلك المدونات اليومية، تجاوز عدد صفحاتها 5.000 صفحة. وما آلمني كثيرا اضطراري إلى التخلي عن ثلاثة أرباع ذلك العدد المهول من الصفحات عند إعداد المدونات هذه للنشر». وعلى حد وصف كارتر، فقد سلط الضوء في المدونات المنشورة على مواقفه وسياساته من قضايا بعينها، تم اختيارها بعناية لعكس صورة عامة عن التوثيق الرئاسي لولايته. منها على سبيل المثال: مفاوضات سلام الشرق الأوسط، سياسات التسلح النووي، جهود مكافحة التضخم الاقتصادي، سياسات الرعاية الصحية، وعلاقات الرئيس بالكونجرس وباقي الهيئات الأخرى .