أكملت فنزويلا استعدادها لإجراء انتخابات تشريعية قبل أن تحل الانتخابات الرئاسية في عام 2012. ويسعى الرئيس هوجو تشافيز إلى الاحتفاظ بالأغلبية الساحقة التي يتمتع بها في البرلمان رغم تراجع شعبيته. وكانت الحملة الانتخابية للمرشحين بدأت في أواخر أغسطس الماضي، ويتوجه 17 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع الإلكترونية لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية، غدا، حيث كان للمعارضة حصة محدودة بعدما قاطعت انتخابات 2005، الأمر الذي اعتبرته خطأ لا تريد تكراره هذه المرة. يبدو أن المعسكر المعارض ل«تشافيز» قد وعى الدرس من انتخابات 2005. ولذا قرر المشاركة في الانتخابات التشريعية الحالية دون أي مقاطعة. وتسير الأمور لصالحهم هذه المرة في ظل تزايد تراجع شعبية تشافيز والارتفاع الهائل لمعدل التضخم، ووصول الاقتصاد إلى مرحلة النمو السلبي وارتفاع معدل الجريمة. وكانت المعارضة قاطعت تلك الانتخابات بزعم عدم ثقتها في نظام التصويت الإلكتروني الجديد. وأتاح هذا الغياب للرئيس تشافيز وأنصاره السيطرة التامة على المجلس وحرمان منتقدي الحكومة منذ ذلك الحين من منبر مهم لإبداء آرائهم. ويضم تحالف المعارضة المسمى «مائدة الاتحاد الديموقراطي» أكثر من عشرة أحزاب. يبدو أن المعارضة أكثر تركيزا الآن من أي وقت مضى حيث حرصت على تقديم مرشحين يحظون برضا الناخبين. «نحن نمثل أغلبية، ويتعين علينا التغلب على خوفنا وتجنب الامتناع عن المشاركة»، هكذا عبر إنريك ميندوزا، وهو حاكم إقليم سابق وأحد مرشحي المعارضة في البرلمان، لتبدو «مائدة» المعارضة وكأنها مسمومة بالنسبة للرئيس. وكشفت استطلاعات الرأي الأخيرة أن شعبية الرئيس تشافيز تراجعت بشكل كبير العام الماضي وبلغت 37 % في مستهل الحملة الانتخابية، ما يترجم تراجعا بالنسبة إلى نوايا التصويت لمصلحة السلطة. وواجه تشافيز أزمة على صعيد الطاقة في موازاة تزايد نسبة الجريمة، وتراجع النمو وزيادة التضخم، وأصبح يلمس غضب الناخبين من الأوضاع في البلاد. ورغم ذلك يملك أنصاره العزم والإصرار على الاحتفاظ بالأغلبية البرلمانية التي نالوها بسهولة في 2005. وأوضحوا أنهم يريدون إحراز أغلبية الثلثين، أي نحو 110 مقاعد من أصل 165 مقعدا في المجلس. وفي نفس الوقت حذر تشافيز أنصاره من الإفراط في الثقة «لا يمكن لأحد أن يقول إننا لا يمكن أن نهزم»، موضحا أنه سيتصدى لأي محاولات ترمي إلى زعزعة الاستقرار. ومثلما حدث منذ اعتلائه للسلطة عام 1998، فإن الانتخابات ستكون بمثابة استفتاء على تشافيز نفسه حيث إنها تأتي قبل عامين من الانتخابات الرئاسية. ويعد تشافيز، 56 عاما، من أشد منتقدي أمريكا. وثارت ثائرته عندما نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا عن ارتفاع معدل الجريمة في فنزويلا. وما زال تشافيز يتمتع بشعبية بين الفقراء الذين يمثلون الأغلبية في البلاد لإنفاقه عائدات النفط على المدارس والعيادات والغذاء المدعوم. لكنه يحتاج إلى أن يحقق حلفاؤه فوزا حاسما لدفع الإصلاحات التي ستساعده في السعي لإعادة انتخابه عام 2012. وأثارت حملات الإصلاح الواسعة التي أطلقها الجدل في فنزويلا وخارجها. وتراوحت الآراء بين كونه أمد الفقراء باحتياجاتهم وبين أنه أساء إدارة الاقتصاد. وعلي الصعيد العالمي عرف تشافيز بعدة دعوات لخلق علاقات وطيدة بين الدول الأكثر فقرا في العالم، كما أنه أعلن دعمه لكفاح الشعب الفلسطيني، وتتمتع حكومته بعلاقات جيدة مع الدول العربية .