أصبحت طيور البوم، تلك المخلوقات التي يبدو وكأنها ترتدي نظارات طبية، جزءا من الثقافة البريطانية بعد أن ظلت تتراوح بين نذير الشؤم ومصدر الحكمة لفترة طويلة. ما السر الذي يأسر الألباب عن البوم؟ ما الذي جعلها أكثر الطيور شعبية وتوالدا وتوثيقا، ويشار إليها في معظم الأحيان في بريطانيا؟ الجواب بسيط: إنها تعيش في تلك الأجواء الليلية التي تقل فيها رؤيتنا للأشياء، ولم نتقن تفاصيلها نحن عشاق ضوء النهار. هذه الطيورالمجيدة تلوح لنا وهي خارجة من الظلام محملة بإحساس غني من الغموض، مع لمسة شر في الوقت نفسه. وكان ينظر إلى البومة على أنها من البشائر الخطيرة، وربطها كثيرون ببعض الخرافات. وأيا كان ما يقوله العقلاء عنها إلا أنني وجدت أن صرخة البومة تثير الرعب في قلوب الكثيرين. وتعتبر رؤية هذا الطائرعلى أي سطح معين في كثير من الأحيان علامة على الهلاك الوشيك في الداخل. وللبوم جوانب أخرى تزيدها غموضا غيرأسلوب حياتها الليلي ونذير الشؤم خاصة عندما تخترق الصمت المطلق في الجو خلال الطيران مثل شبح شاحب اللون لا يتخلى عن عاداته المفترسة، وصياحه الغريب والشكوى من الوحدة عبرالظلام مثل خنجر مكشوف، ليكون لديك مجموعة من المخلوقات الجاهزة لأن تتحول إلى كوابيس أكثر من غيرها. وحتى لو ساعدت 150 عاما من العلوم الطبيعية البحتة وعقود من إنارة الشوارع بالكهرباء على تجريد البومة من مخاطرها الكثيرة، إلا أن استعارة الدراما التليفزيونية لمزايا هذه الطيور لا تزال ماثلة للعيان، إما في الصوت أو لمحة موجزة عن هبوط بومة على شجرة خارج مسرح الجريمة. وخلال تلك الفترة نفسها، خف التشدد تجاه البوم تدريجيا، وأصبح هذا الطائر البريء يزين فانلات الشباب ذات الأكمام القصيرة، والوسائد والحلي، وفي رسومات والت ديزني للأطفال. وأصبحت هذه الطيورأيضا نجوما في فيلم للرسوم المتحركة ثلاثية تصل إلى دور السينما أكتوبر المقبل. ومع ذلك، أعتقد أن السبب الحقيقي الذي يجعلنا نعتز بالبوم هو أنها تحتفظ دائما بمصدر للخطر. ومن بين كافة الطيورالتي تنتشر في بريطانيا، فإننا نسمع عنها أكثر من غيرها – ويتابع سكان الريف تحركاتها الليلية الشهيرة.