من عالم المال والأعمال إلى «مطبخ الصحافة»، ومنها إلى انطلاقة مميزة عبر شاشة التليفزيون السعودي. تقدم أضخم برنامج سعودي على مستوى الإنتاج والاستمرارية. المذيعة السعودية سميرة مدني، تطل كل يوم أربع ساعات على الهواء مباشرة، طوال العام.. وأثار تواجدها على أرض المعركة على الحدود الجنوبية لتغطية الأحداث العسكرية، جدلا. برزت في فترة قصيرة عبر برنامج «صباح السعودية»، إلى جانب مواطنها وزميلها محمد الرديني، ماذا تقول ل «شمس» بعد مرور نحو العام على هذه التجربة: ماذا قبل «صباح السعودية»؟ وكيف وصلت إليه؟! حتما، ليس ب «البراشوت»، قوة الإرادة وحب التحدي والعمل والطموح، و«كسر قاعدة الروتين والمستحيل»، كانت عناصر «خلطتي السحرية»، حيث بدأت في مهنة التجارة، وكنت أمارس إلى جانبها هواية الكتابة. وبهدف المشاركة في مسابقة شعرية عن اليوم الوطني والملك، كتبت، لكن للأسف لم أشارك في المسابقة بسبب وفاة والدتي رحمها الله بعدها بشهور فكرت في أن أرسلها إلى الملك عبدالله بن عبدالعزيز إيمانا مني أنه سيطلع عليها، كوني كتبتها عنه وعن وطني، على رغم أن الناس حولي نعتوني بالمجنونة، لكني كنت مؤمنة ومقتنعة. وبعد عدة أسابيع تلقيت اتصالا من المكتب الخاص للملك عبدالله بن عبدالعزيز، يخبرونني فيه أن الملك اطلع على كتاباتي وقال حرفيا: «علموا على ورقة هذه المواطنة التي عبرت عن حبها لمليكها والوطن بهذه الأحاسيس، واتصلوا بها وأخبروها شكري لها»... هذه القصة أحكيها دائما؛ لأنها إلهام وتمثل رمزا لي، هذا الاهتمام من الملك عبدالله كان ملهما لي. وذلك الإلهام وعناصر «خلطتي السحرية» أخذاني خطوة خطوة إلى عالم الصحافة ومنها إلى الشاشة. ماذا قدم لك «صباح السعودية»؟ برنامج صباح السعودية، ليس مجرد عمل أو مهنة، أنت تتحدثين عن برنامج ضخم يطرح مواضيع مختلفة، تلقي الضوء على جوانب كثيرة: إخبارية واقتصادية وطبية واجتماعية وجوانب أخرى. هو برنامج تثقيفي توعوي وترفيهي. نحن نعتبر أنفسنا صوت المجتمع، ومن خلال نافذة «صباح السعودية» نكون حلقة وصل ومساندة للمجتمع باختلاف أطيافه. لذلك «صباح السعودية» ليس مجرد برنامج فقط في حياتي. سمعت أنك تبدئين الإعداد للحلقة بعد الفجر.. أخبرينا قليلا عن هذه الكواليس؟ «تضحك» «احنا نصحى، ونصحّي الديك بعدنا»، يبدأ «صباح السعودية» يوميا الساعة 7 صباحا، وهذا يتطلب منا أن نصحو باكرا، نحو الساعة الرابعة فجرا، كي نبدأ في التجهيزات، وحكايا كواليسنا لا تنتهي، تحتاج إلى حوار آخر، لأننا نعمل لوقت طويل يوميا. لكني، أذكر موقفا طريفا وصعبا: «استضفنا مربي حيوانات، وكان معه نمر صغير عمره شهران. أصر صاحب النمر أن أحمله، على الهواء مباشرة، و«أنا مو صحبة مع الحيوانات أبدا، مو نمر عاد»، وجهزوا لي «رضعة»، وطلب مني أن أرضعه، وبالفعل حملته بعد جهد، وكان النمر مثل الطفل الصغير، وعمل ما لم يكن متوقعا، على الهواء مباشرة، وانفجر كل من في غرفة التحكم ضاحكا، و«أنا، ولا نفس»، إلى أن انتهى البرنامج». * فلنرجع بذاكرتك قليلا إلى الوراء، من دعمك وكان وراء تواجدك على أرض المعركة لتغطية الأحداث العسكرية؟ الأمر ليس بالصورة التي يتخيلها البعض، هي سلسلة أحداث جاءت فجأة، ولم يكن أمرا مدبرا أو مدعوما، فقد وجهت لي دعوة من الكاتبة أسماء المحمد لزيارة أسر النازحين باعتباري إعلامية. فكرتُ في الموضوع، إذ إن زيارتي لمنطقة جازان كان لا بد أن تخدم أهالي المنطقة وتلامس مشاعرهم، في تلك الأحداث الصعبة التي عاشوها. من هنا تناولنا في البرنامج أحوال أسر النازحين، وكيف هي خدمات الوزارات وتواجد مندوبيها في خدمة الأسر، وتطرقنا إلى الجانب الإعلامي ومستوى تغطيته للأحداث العسكرية التي يمر بها للمرة الأولى. وإلى جانب ذلك وبرؤية تليفزيونية بحتة أردنا إظهار ملامح المدينة الساحرة، ومدى تأثرها بالأحداث، وناقشنا أحوالها الاقتصادية والاجتماعية والسياحية والسياسية من خلال لقائنا مع أمير المنطقة الأمير محمد بن ناصر. وبعد ذلك كله فكرت في أن أتواجد في أرض المعركة لتغطية الجانب الإنساني لدى المرابطين والجنود المصابين، فهم لا يستطيعون التواصل مع أهلهم باستمرار، وحتما كان في خلجات أنفسهم ما أرادوا أن يبوحوا به لأهلهم ولمواطنيهم، فدعم كل من حولي هذه الفكرة، وقد حققت صدى واسعا ومشاهدة عالية. * هناك أشخاص استنكروا تواجدك هناك لأنك امرأة سعودية بالزي العسكري وهاجموك باعتبارك مذيعة سعودية أرادت الشهرة من خلال تواجدها على أرض المعركة؟! من وجهة نظري، الاختلاف وارد، والمواقف الجدية تجد المؤيد والمعارض كل على حسب توجهه وفكره، ولا أبالي باستنكارهم، وأنا مقتنعة بما قمت به، فتواجد «صباح السعودية» على «أرض المعركة» أمر احترافي ومهني، ونقل الأوضاع في جازان إعلاميا واجب تحتمه علينا أخلاقيات المهنة، ووطنيتنا. وبالنسبة إلى الشهرة، فهي متحققة عبر برنامج «صباح السعودية» وفي استوديو الرياض. أدرك أن الأمر له علاقة بكوني امرأة لدى البعض، وهذه مشكلة لا يمكنني أنا حلها، بل الزمن. * نعلم جميعا أن الإعلامي يسعى وراء الحيادية، لكن نجد سميرة مدني تذرف الدموع على الهواء مباشرة أكثر من مرة؟ استضفنا حالة اجتماعية، يتيم من دون أب ولا أم «لقيط»، ظهر في البرنامج باحثا عن والدته، وموجها الحديث لها ومجازا لكل الأمهات مثلها، قال لها إنه في انتظارها، إذا كانت هي تسمعه، وأنه كسر حاجز الخطيئة الذي لا ذنب له فيه، بالعمل والنجاح. قولي لي كيف لا أبكي؟! أظن ألا علاقة للحيادية بالأمر، خصوصا وأننا نقدم برنامجا يوميا، لمدة أربع ساعات، أي أننا نعيش فيه. ما تعليقك على الجدل الحاصل في شأن قيادة المرأة للسيارة؟ هناك أمور لا يصلحها إلا الزمن، وموضوع قيادة المرأة للسيارة أصبح أيقونة و «كليشيه» أكثر من كونه قضية، سأكتفي بذلك، فلا جديد يضاف، وسننتظر. * أخيرا، محمد الرديني، حدثينا عن المنافسة بينكما؟! لا توجد منافسة بيني وبين محمد، هو أخي، وليس صعبا أبدا ملاحظة ذلك على الشاشة، خصوصا وأننا نقدم يوميا أربع ساعات متواصلة، ولا يمكننا إخفاء الكثير .