طالب عدد من المشايخ والعلماء أئمة المساجد بعدم الوقوع في بعض الأخطاء الشائعة فيما يتعلق بدعاء القنوت، مؤكدين أنه يجب على الإمام أن يبدأ دعاءه بالثناء على الله عز وجل، مع عدم رفع الصوت بالدعاء في المكبرات، لأن ذلك من مظاهر عدم التأدب مع الله عز وجل. وأشار مشايخ تحدثوا إلى «شمس» إلى خطأ الدعاء بهلاك الكفار جميعا، لأن هذا من الاعتداء في الدعاة وهو مما لا يمكن أن يحصل، خاصة أن سنة الله في الأرض هي بقاء الصراع بين المسلمين والكفار، ومن ثم بقاء الكفار إلى يوم القيامة، كما أكدوا على عدم الإطالة في الدعاء وعدم التنطع والمبالغة في السجع والتكلف فيه. أوضح المشرف على «مواقع الإسلام» الشيخ محمد المنجد أنه يجب على الداعي أن يكون متأدبا مع الله في الدعاء، فمن موانع إجابة الدعاء أن يدعو الإنسان بما لا يليق، فاللائق بالعبد حال دعائه أن يتأدب غاية ما يمكنه، وأن يجتنب ما لا يليق، فإن المقام مقام ذل وخضوع. وأضاف: «كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يبالغ في ثنائه على ربه في دعائه حتى أنه أظهر العجز والانقطاع عن الوصول إلى غاية مدحه، فقال: «وأعوذ بك منك لا نحصي ثناء عليك». ونبه المنجد إلى خطأ يقع فيه البعض وهو قلة اليقين من إجابة الدعاء، مضيفا أن هذا من أعظم الأخطاء وهو جهل بالله وقدرته وجميل إحسانه، فهو سبحانه على كل شيء قدير، يقول للشيء إذا أراده كن فيكون. وقد دعا زكريا عليه السلام وهو شيخ كبير وامرأته عاقر طالبا الذرية: «رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء»، فأجاب الله دعاءه: «فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى...». وطالب المنجد في حديثه بعدم المبالغة في رفع الصوت من قبل أئمة المساجد الخاصة مع وجود مكبرات الصوت فربما سمعت أصوات الداعين من مكان بعيد، وهو خطأ واعتداء وباب من أبواب الرياء، والأولى رفع الصوت بقدر ما يسمعه المصلون إذا كانوا يؤمنون وراءه. كما نبه الشيخ إلى خطأ يتعلق بإطالة الدعاء في القنوت، والدعاء بما لا يناسب المقصود، وخاصة في النوازل فإن القنوت عند النوازل إنما يشرع للدعاء لقوم أو الدعاء على آخرين، وفي ذلك قال ابن تيمية رحمه الله: «وينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة..». من جهة أخرى، قال العلامة محمد الحسن ولد الددو إن الدعاء على الكفار جزء من جهادهم، وقد نفذه النبي، صلى الله عليه وسلم، فقد دعا على قريش أن يؤخذوا بالسنين. وكذلك دعا على عصية ورعل وذكوان، ودعا على كسرى بعينه حين مزق كتابه فقال: «مزق الله ملكه»، فقتله ولده. كما دعا صلى الله عليه وسلم على ابن أبي لهب حين بصق في وجهه وهو يصلي فقال: «اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فأكله الأسد». وأضاف: «الدعاء على الكفار سواء كان جنسا كقبيلة كقريش ورعل وعصية وذكوان أو كان فردا كمعتب بن أبي لهب أو كسرى مثلا فهذا من الأمور التي هي عبادة، وقد فعلها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى المسلم ألا يتحرج من أمر فعله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه من بعده». وحول الدعاء على الكفار بالهلاك، قال الددو: «لا يدعى على عموم الكفار جميعا، لكن يجوز الدعاء على أمة منهم كالنصارى واليهود أو كالأمريكان والبريطانيين ونحوهم، فهذا مما يجوز وحتى لو كان فيهم مسلمون فإن ذلك لا يمنع الدعاء عليهم لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، عندما دعا على قريش كان فيهم رجال ونساء من المسلمين، ولذلك قال الله تعالى في سورة الفتح: «ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم». واتفق الشيخ الدكتور سلمان العودة مع الددو فيما يتعلق بالدعاء على المشركين، مؤكدا أن هناك قدرا من الدعاء المطلوب، فالنبي، صلى الله عليه وسلم، دعا والأنبياء دعوا على المشركين، وكذلك الصحابة، فعمر، رضي الله عنه، دعا على المقاتلين المحاربين من أعداء الله تعالى وأعداء رسوله، صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا أن يدعو الداعي على الصهاينة وعلى المحتلين وعلى من يؤذون الله ورسوله ويؤذون المؤمنين، ولكن لا بد ألا يقتصر الأمر على هذا، فمشكلتنا مع عدونا تحتاج إلى أمور أخرى بجانب الدعاء. وأضاف العودة أنه لا بد من عدم الاعتداء في الدعاء حتى على المشركين، لافتا إلى أن البعض يدعو عليهم بأن يقطع الله تعالى نسلهم أو يبيدهم، مع أن قطع النسل مستحيل، فالله، سبحانه وتعالى، قضى أنهم باقون إلى قيام الساعة بل لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، فأنت إذا دعوت بإبادتهم تدعو بأمر مخالف للسنن الكونية ومخالف لوعد الله ووعد رسوله، صلى الله عليه وسلم، كما أن النبي عندما جاءه ملك الجبال وقال: مرني بما شئت. لتأمرنى بأمرك فما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين.فقال صلى الله عليه وسلم «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا»، ولم يدع عليهم بأن يقطع نسلهم، فالأطفال الصغار أبرياء ما داموا دون سن التكليف وليس لهم ذنب أو تبعة أو مسؤولية. وطالب الشيخ العودة أئمة المساجد بعدم رفع الصوت بالدعاء، والمبالغة في ذلك، مشيرا إلى ضرورة أن يكون رفع الصوت بقدر ما يسمع المأمومون، أما إذا كان الإنسان وحده، فيقول تعالى «ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين»، ويقول أيضا «إذ نادى ربه نداء خفيا»، فأين نحن من هذا الأمر الرباني. وأضاف العودة: «كما يقول ابن جرير، رضي الله عنه، تعليقا على قول النبي، صلى الله عليه وسلم، أيضا في الحديث الذي رواه البخاري عن أبى موسى قال كنا مع النبى، صلى الله عليه وسلم، فى سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير فقال النبى «أيها الناس اربعوا على أنفسكم إنكم ليس تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم»، ومصداق ذلك في القرآن قوله، سبحانه وتعالى: «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد»، فالله، سبحانه وتعالى، قريب يسمع، فإذا سمعك الذي من ورائك ينبغي الاقتصار على هذا القدر من سماع الصوت؛ ولهذا قال ابن جرير الطبري تعليقا على هذا الحديث: إنه حجة لما ذهب إليه عامة وجمهور السلف من الصحابة والتابعين، رضي الله عنه، في كراهية رفع الصوت بالدعاء». وتابع: «كذلك روى ابن جرير عن ابن جريج، رضي الله عنه، أنهم كانوا يعدون رفع الصوت من الاعتداء في الدعاء، وروى البخاري في صحيحه عن عائشة، رضي الله عنها، في تفسير قوله، عز وجل: «ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها» قالت: نزلت في الدعاء، إذا المبالغة في رفع الصوت في الدعاء ينبغي أن يقتصر منه قدر الحاجة ما يسمع المأمومون من ذلك بعيدا عن الصياح والزعيق والصراخ هذا من الاعتداء» .