استقبل أهالي رجال ألمع ومنطقة عسير والكثير من المهتمين بالتراث والثقافة في المنطقة والبلاد ككل، خبر استحداث هيئة السياحة والآثار خمسة متاحف إقليمية في كل من الدمام وأبها وحائل وتبوك والباحة، بالإضافة إلى البدء في إعادة تأهيل وتطوير ستة متاحف في دومة الجندل، وتيماء، والعلا، الهفوف، وصبيا، ونجران، بشيء من الخيبة والاستغراب. حيث جاءت هذه الأخبار بعد حادثة تهدّم أحد أهم حصون «قرية رُجال» التراثية، بمحافظة رجال ألمع في منطقة عسير، بعد ثلاثة أيام من المطر المتواصل، الذي تسبب في انهيارات بعض الشوارع وانجراف بعضها الآخر. لكن الشوارع يمكن تعويضها، كما يمكن إبدال الجسور الحديثة بجسور غيرها. وتبقى الخسارة الحقيقية في خراب المكتسب التراثي والثقافي، ذلك الشيء الذي لا يمكن تعويضه أو ترميمه بسهولة، فقد يفقده هويته وجمالياته مجرد تدخل الأدوات الحديثة في إعماره من جديد. الانهيار أدى إلى تشوه منظر «قرية رجال» ذلك المعلم التراثي البارز في رجال ألمع والمنطقة عموما، الذي لا يمكن لزائرها أن يعود إلى دياره قبل زيارتها والاستمتاع بالدهشة التي اشتهرت بها تلك القرية وجماليات عمرانها الأصيل، وهندسة بنائها المختلف بإتقانه وفرادته، واعتماده الكلي تقريبا في مكوناته على الطبيعة ولا سواها. وكانت كل تلك الحصون والبيوت والجدران العتيقة في القرية التراثية، تقف متراصة بانتظام آسر، ودقة أخاذة، تجعل من مشاهدتها للمرة الأولى، مشهد لا يغادر الذاكرة أبدا. غير أن الطبيعة نفسها التي كونت هذه القرية من أقدم لبنة وضعت على السفح الذي تجتمع عليه إلى آخر لبنة، هي من عادت لتهدم أهم وأبرز حصونها التي اعتاد أهل رجال ألمع وزوار القرية التراثية على مشاهدته كالأخ الأكبر لباقي الحصون، وأكثر ظهورا وارتفاعا. وما زال الأمل في نفوس مثقفي المنطقة والمهتمين بالتراث العمراني الوطني في كل مكان، على أن يتم الالتفات إلى ما حل بهذه القرية، باعتبارها أحد أهم المتاحف والمراكز التراثية القديمة في البلاد .