تأليف: د. محمود حمدي زقزوق عدد الصفحات: 336 ص الناشر: دار المعارف رغم كثرة الكتب التي تناولت ظاهرة الاستشراق وحياة المستشرقين ومؤلفاتهم، يبدو هذا الكتاب مختلفا لا من زاوية التناول فحسب، بل حتى من الأسلوب العلمي والموضوعي الذي تجنب فيه المؤلف النبرة الانفعالية التي صبغت كتبا وأبحاثا كثيرة تعرضت للاستشراق. ولا ينفي الدكتور زقزوق النزعة السياسية التي أججت رغبة الدول الاستعمارية في استطلاع أحوال المشرق ودراسة تاريخه قبل غزوه، لكنه يتجاوز هذه المسألة إلى استعراض سير المستشرقين وتحليل نشاطهم الفكري وتمييز مواقفهم تجاه الإسلام. ويرى المؤلف أن الاستشراق فصل واحد من سلسلة الصراع الفكري بين الإسلام ومناوئيه، لكن التصدي له لا يكون بالتجاهل والنبذ، فالطريقة المثلى لمواجهته تقتضي دراسة الحركة موضوعيا وتاريخيا وتفنيد المنتج الاستشراقي ببحوث علمية مؤصلة، ولا سيما أن أعمال المستشرقين هي المصدر المعرفي الوحيد لبني جلدتهم الراغبين في القراءة عن الشرق وأديانه، وهنا مكمن الخطر كما يشير المؤلف. ويحلل المؤلف في فصل مستقل سعي اليهود إلى الانكباب على دراسة الإسلام معتمدين على هويتهم الأوروبية لا على أصلهم اليهودي في محاولة واضحة لتجنب التخوف الذي يبديه المسلمون تجاه نواياهم. ويميز المؤلف بين مناهج المستشرقين وأساليبهم في دراسة الإسلام وتراوحهم بين التجني والإنصاف، إضافة إلى تخصصاتهم المتفرقة في حقول السنة النبوية والتاريخ الإسلامي والفلسفة العربية وغيرها. ومن منطلق كون الاستشراق حركة مريبة شوهت صورة الإسلام في كثير من الأحيان وأدت دورها المطلوب سياسيا واجتماعيا، فإن المؤلف يتساءل في مبحث خاص عن واقع الاستشراق ومستقبله والتطور الفكري والفلسفي الذي طرأ على آلياته ومناهجه، ثم يخلص إلى أن عصر الاستشراق لم ينحسر، فلا تزال المعاهد الغربية المتخصصة في الدراسات الشرقية تخرج دفعات متوالية من الباحثين، فالمصالح الاستعمارية لم تنته مع انتهاء الاستعمار.