في رمضان تلتف العائلة بالساعات حول التليفزيون لمشاهدة أعمال كثيرة وكثيرة جدا في منافسة محمومة بين الفضائيات لكسب المشاهد والمعلن. ومن أهم هذه الأعمال مسلسل باب الحارة الذي يحوز على نسب مشاهدة عالية جدا، والذي يقدم قيما عربية ذكورية متأصلة. لذلك وبحسب شركات الأبحاث فإن أهم الأسباب التي أوردوها لنجاح المسلسل هو تطرقه لعادات عربية تسلطية وذكورية بحتة أعطت المشاهد العربي نشوة ورغبة في متابعته. وإذا نظرنا إلى مجموع القيم السلبية التي قدمها لنا المسلسل، يتبين لنا أن العمل حاول أن يقدم المرأة كائنا ضعيفا وضعيفا جدا وليس له أي سلطة ومقموع، فالمرأة ليس لها أن ترد على الرجل أو أن تناقشه فأمره مطاع، ولو حاولت أن ترد عليه بكلمة حتى ولو كانت ردا على تهمة فعقابها الطلاق والتأنيب والفضيحة بين أقربائها. كما أن طلاقها أمر عظيم وفضيحة لا نهاية لها يتضح ذلك بعظم تأثير ذلك في أهل الحارة. وأن بنات المرأة المطلقة تلحقهم هذه النتيجة «المخزية»، وربما يطلقن بسبب ذلك، إلى جانب أن الصهر أو زوج البنت له مكانة خاصة فقط لأنه «ساتر للعرض». والمرأة في «باب الحارة» ليس لها دور في الحياة غير رفاهية الرجل والطبخ له والاهتمام بشؤونه، وليس هناك امرأة واحدة تمارس غير هذا الدور، إلا إن كنا سنحسب دور أم عبدالله المشعوذة. والمسلسل يكرس مبدأ القوة وأخذ الحق بالذراع والفتوة وأن السلطة للأقوى ويتضح ذلك بشخصيات كثيرة بالمسلسل. المشكلة العظمى في القيم السلبية أعلاه أنها أتت بمسار إيجابي وإيجابي جدا بل وإعجاب المشاهد بها. وهنا يكمن الخطر. وأعتقد أن باب الحارة وبنسب المشاهدة الضخمة التي حصل عليها استطاع أن يؤثر في مشاهديه من الجنسين، فالذي يثير دهشتي هو إعجاب المشاهدات بهذا المسلسل بل ومتابعته والإعجاب بشخصياته المتسلطة. وهذا ما يفسر لنا ربما تخلف قيمة المرأة لدينا.