كشف طباخو عدد من رؤساء الدول أن هذه الوظيفة تتطلب تفانيا وشغفا بها وتندرج أحيانا في إطار العمل الدبلوماسي، بدءا من كتم الأسرار وانتهاء بالترويج للأطباق الوطنية وتحديثها دون ارتكاب أي هفوة؛ وإلا كانت العواقب جسيمة لأنهم «ليسوا من يستقبل الضيوف.. بل الرئيس». وعندما تقام المآدب الكبرى، ينزوي بعض هؤلاء الطباخين من أصحاب الثقة، في مطبخ صغير لإعداد الأطباق الصغيرة التي يحبها الرئيس، لأنه «لو لم يكن يثق بهم، لما تناول الطعام». يبقى التكتم من الصفات الأساسية المطلوبة لدى كبار الطباخين. لكن بعض الأسرار المتعلقة بعادات الرؤساء الغذائية، مثل «الأطباق التي لا يحبونها»، يتم تناقلها. في الصين، يركز كبير طباخي الرئيس باو لينجو على الأطباق التقليدية من بكين، لكنه يخالف القواعد أحيانا «ليضمن تناول رؤساء الدول الأجانب الطعام». وكي لا يمل «الرئيس»، يجب العمل على التحديث مع حماية التقاليد. وفي مطابخ الكرملين بالعاصمة الروسية موسكو، أكد الفرنسي جيروم ريجو هذه المخاوف من ارتكاب أي هفوة في مهنة تتطلب العمل دون توقف، وأوضح: «الآن فهمت لماذا كان أول سؤال طرح علي عندما أجريت المقابلة لتوظيفي: هل أنت أعزب؟». وأضاف أنه «التزام مستمر على مدى 24 ساعة، ونخضع للمراقبة كل الوقت». ويمتاز البيت الأبيض بأشهر الطهاة، الذين يعدون من أبرز الشخصيات التى صنعت فرحة ساكني وزوار البيت الأبيض، بتفننهم في إعداد أفخر الأطباق وأشهرها. وهم رجال يعملون في الظل، لكن ما يحضرونه يعد بمثابة علامة مسجلة، تضاف إلى سلسلة العلامات التي يفخر بها مقر الرئاسة الأمريكية وبتقديمها كلما سنحت الفرصة خلال مختلف المناسبات. ويعتبر أوجان ألن من أبرز الطباخين الذين عاصروا عدة رؤساء أمريكيين، وخدم خلال ولاية ثمانية رؤساء ابتداء من ترومان إلى رونالد ريجان، وذلك طوال 34 عاما امتدت بين 1952 و1986. كما يعد ألونزو فيلدز الطباخ الأشهر في البيت الأبيض والأطول خدمة أيضا، حيث خدم طوال 21 عاما خلال ولايتي الرئيسين ترومان وروزفلت بين 1932 و1953. أما طباخ الرئيس جون كنيدي، فكان اسمه بروس بريستون وخدم بين عامي 1952 و1977، فيما ترأس وليام كارتر مطبخ البيت الأبيض خلال ولاية الرئيس بيل كلينتون بين عامي 1992 و2000. والآن يقود الأمريكي الأسود تافاري كامبل الطاقم منذ أن أصبح مقربا من الرئيس السابق جورج بوش الابن. ويكرر مطبخ البيت الأبيض خلال مختلف المناسبات تقديم الخضراوات كالهليون واللفت والكرافس والأفوكاتو، وفي المقابل لا يقدم لضيوفه أطباقا تحتوي على لحوم الدجاج، رغم اعتماد غالبية مطاعم العاصمة واشنطن على هذا النوع من اللحوم. واعترف كبير طباخي الرئاسة الإيطالية فابريتسيو بوكا بأنه يكتشف كل يوم طبقا جديدا، وإن كانت المكرونة بالطماطم هي الطبق المفضل لمقر الرئاسة الإيطالية «الكويرينالي». ويقول برنار فوسيون الذي يهتم بأطباق الإليزيه منذ عهد الرئيس جورج بومبيدو، وأصبح كبير طباخي القصر الرئاسي الفرنسي قبل ستة أعوام: «يجب ألا نفوت أي فرصة وألا نرتكب أي خطأ. لست أنا من يستقبل الضيوف.. بل الرئيس». وأخيرا يرى دانيال شيمبيك كبير طباخي الأممالمتحدة أن السياسة تفرق الزعماء، لكن مأدبة طعام جيدة تجمعهم. «رؤساء الدول يحاولون حل المشكلات وأنا أساهم في مساعدتهم. نحن صانعو سلام».