عند الحديث عن الفن أو الأغنية السعودية لا بد أن نذكر الفنان والرمز التاريخي للأغنية السعودية والعربية الفنان محمد عبده، الذي ابتكر أساليب فنية جديدة في زمن الطرب القديم، وعندما كانت الأغنية تعتمد على الرتم الواحد، أدخل عليها الكوبليه، وطور المقامات والألحان، واستفاد منه عدد من الفنانين على رأسهم الفنان الراحل طلال مداح، وجميع شعراء وملحني المرحلة الماضية، فقد فاجأ أهل الفن في بداياته التي كانت مطلع الستينيات، وهذه الرؤية لفنان العرب أهلته للتفرد، والتفات عشاق الأغنية له في مصر والشام، وذيوع صيته عبر حفلات القاهرة وباريس ولندن، وأصبح هدفا لجميع الشعراء الذين يريدون أن يختصروا المسافات صوب الشهرة والنجومية. ولا شك أن الذكاء الكبير الذي يميزه فنانا ومعاناته الإنسانية في البداية صقلت داخله روحا خاصة، وجعلته صاحب تجربة إنسانية زاخرة بالعطاء ومحفزة على الإبداع، ولعل ما يذكره من دروس في حواراته الفضائية عما عاشه في الطفولة ما هي غير دروس يوجهها فنان العرب لنجوم الأغنية الذين يتكبرون على الجمهور منذ أول ألبوم. وأنا بصفتي واحدا من محبي «أبو عبدالرحمن» الكثيرين في العالم، أتمنى منه أن يستثمر كل مساحة لديه في الأسلوب الطربي، ومحاولة التجديد والابتكار الذي عهدناه منه، وإن كنا نعلم في قرارة أنفسنا حجم المجاملات التي يقدمها لبعض الشعراء الذين يتمنون منه الغناء لهم، وندرك أنه قد يحضر في حفلة التزاما منه بوعد قطعه على نفسه في إحدى المرات، ولكن كل هذا لا يمنعنا من البحث عن أغاني شبيهة بالماضي الجميل للأغنية، هذا ولا أنسى أن أوجه الشكر لكم في «شمس» لتناولكم موضوع تكريم نجم الأغنية الأوحد، وما يزعجني في الفترة الحالية أن هناك من يتبنى وضع المقارنات بينه وبين غيره من الفنانين، وهذه المقارنات فاشلة وغير موضوعية؛ لأن محمد عبده في الفترة الحالية بينه وبين الآخرين أعوام ضوئية من الإبداع والإمتاع، ولا يمكن بأي حال أن يقارن بغيره، وهو الوحيد الذي يستطيع أن يغني لمدة ثماني ساعات متواصلة، وأن يبدأ وينتهي بنفس الحماس والنشوة الطربية. المؤسف أن البعض يحاول إخفاء مثل هذه الحقائق في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل، ولم يعد فيه من الأغنية سوى اسمها . عبدالله البارقي. الجبيل