سأتحدث عن جزء صغير من ثقافة مجتمعنا ذي الخصوصية غير الموجودة في أي مكان في العالم، وهي طريقة تصرف كثير من الموظفين الذين مهمتهم خدمة المواطن، حيث يتصرفون معه كأنهم أسدوا إليه جميلا، وقد لا ينجز أوراقه إن لم يبد بالغ الشكر والامتنان. والكثير منا عندما يقوم بأداء واجبه يشعر بأنه عمل عملا إضافيا أو يفوق طاقته ويستحق عليه مكافأة، ومناسبة هذا القول ما نشرته أمانة محافظة إحدى المدن من أنها قامت بإصلاح أكثر من اثني عشر ألف متر مربع من حفر الشوارع، وإذا ما قمنا بتأمل بسيط لحجم هذه الحفر نجد أنها حفرة تمتد بطول 3 الآف متر بغض النظر عن حجمها، ولو قمت بجمع تلك الحفر متصلة لوصلت بين حدين من حدود السعودية! تستغرب كثرة الحفر في شوارعنا مع أنك نادرا ما تشاهد حفرة في أي شارع من شوارع مدن العالم، وفي مدن أقل بكثير من مستوى مدينتنا ذات الاثني عشر ألف متر مربع من الحفر! نسيت إخباركم أن حجم هذه الحفر لم يكن يشمل جميع شوارع تلك المدينة، بل هناك المزيد من الشوارع، حيث إن هذا الإصلاح يقتصر على أربعين شارعا من شوارعها فقط، فهناك شوارع أخرى تنتظر دورها في خطة لمكافحة الحفر تستمر لثلاث سنوات. كان بإمكان أمانة تلك المدينة الغالية أن تدخر جزءا كبيرا من ميزانيتها وأن تتجنب إزعاج سكانها لثلاث سنوات لو كان إنشاء الشوارع منذ الأساس نفذ بطريقة تجعله سالما من أي حفرة إلى الأبد مثلما نشاهد في شوارع المدن الأخرى التي قد يمتد عمر بعضها لأكثر من خمسين عاما، لأن عملية إنشاء شارع خال من الحفر ليست بعملية رياضية معقدة، فهي ببساطة تعتمد على الجودة دون غيرها والذي أدى إهمالها إلى تورطنا بعقود صيانة قد تتجاوز قيمة إنشاء الطرق نفسها. هذا الرقم الكبير من الحفر يكشف ضعف الرقابة على المقاولين الذين قاموا بإنشاء تلك الشوارع، مع أمنياتنا بأن تكون تلك الحفر أحسن حالا من شوارعها!