عندما تخرجت من المدرسة الثانوية لم أكن أحمل في بالي هما سوى أنني نفدت بجلدي من الدراسة وأني سأرتاح عند دخولي الجامعة، على الرغم من أنني لم أكن أملك أي فكرة تماما عن وجهتي المستقبلية أو التخصص الذي يجب أن أدرسه، وكانت النتيجة دخولي في تخصص لم يكن يوما ضمن قائمة اهتماماتي وضياع لعدة أعوام في الدراسة بسبب انخفاض المعدل، وبعد ذلك انتقالي إلى جامعة أخرى في تخصص آخر كنت أحمل حبه منذ زمن بعيد، ولكن لم أكن مدركا له قبل ذلك الوقت. وألوم في ذلك مدرستي العزيزة بل العديد من المدارس الأخرى؛ إذ لم تبذل جهدا في استقطاب أو عمل معارض للجامعات والتخصصات المتاحة فيها لنا كطلاب ثانوية حتى تتاح لنا الفرصة لاستكشاف ميولنا ومساعدتنا في تحديد وجهتنا بعد التخرج، والحق يقال إن هناك القليل جدا من المدارس التي كنا نسمع عنها أنها قامت بهذه الخطوة. لو أن كل مدرسة تعاونت ونسقت مع الجامعة أو الجامعات التي تقع في مدينتها، في أن تخصص هذه الجامعات زيارات للمدارس بجدول معين، وعرضت تخصصاتها وأقسامها للطلاب المقبلين على الدراسة فيها وساعدتهم على اختيار التخصص الذي يناسب قدراتهم وميولهم، فإنها ستقدم خدمة كبيرة جدا للطلاب والطالبات؛ حيث ستوفر عليهم الحيرة التي تنتهي غالبا بدخول تخصص غير مرغوب فيه وبالتالي انخفاض في المستوى الدراسي، وستعود أيضا بالنفع على الجامعة نفسها لأنها ستكتشف أن لديها تخصصات أصبحت غير مرغوبة من الطلاب ولا تملك قاعدة جماهيرية كبيرة، وهذا بالطبع سيجعلها تتصرف تجاه هذه الأقسام إما بالغلق أو إيقاف القبول وبالتالي توجيه القوة والقدرات للأقسام الأخرى التي يريدها الطلاب وسوق العمل، ولو تأملنا فسنجد فعلا أن هناك الكثير من الأقسام التي يدخلها الطالب فقط لمجرد القبول بالجامعة لا أكثر، وهذه التخصصات نفسها سنجدها غير مرغوبة في سوق العمل أو القطاع الخاص فلماذا نهدر أموال الجامعات وأعوام الطلاب في تخصصات لا طائل منها؟ على الرغم مما قلته، أشكر مدرستي الثانوية وكل من علمني حرفا فيها وما العتب إلا من محبة.