يعد ابراهام لينكولن من أهم وأقوى رؤساء أمريكا على الإطلاق، إذ نشبت في عهده الحرب الأهلية الأمريكية بعد انفصال 11 ولاية وإعلانها تكوين دولة مستقلة سميت الولايات الكونفدرالية الأمريكية. واستطاع لينكولن تحقيق الانتصار وإعادة الولايات المتمردة إلى الحكم المركزي بقوة السلاح، كما كان صاحب قرار إلغاء الرق في أمريكا عام 1863. وقد مات مقتولا في عام 1865. وهو الرئيس ال16 للبلاد ولا يزال يمثل مصدر جذب لحشود الزائرين والسياح من أنحاء العالم إلى سبرينجفيلد مسقط رأسه بولاية إلينوي. «تأتي جموع من الأشخاص لالتقاط صور تذكارية.. يحظى لينكولن باحترام وقبول عالمي». ولد لينكولن عام 1809 في أسرة فقيرة لأبوين مزارعين. ولم يحصل على أي تعليم رسمي، إلا أنه تمكن من تكوين ثقافة عالية من جراء قراءاته الكثيفة لأمهات الكتب الغربية. وبعد أن علّم نفسه مبادئ القانون الإنجليزي والأمريكي في عام 1837، دخل نقابة المحامين وافتتح مكتبا مع أحد معارفه وأصبح بعد ذلك محاميا ناجحا على مستوى إلينوي. وتزوج لينكولن أكثر من مرة، إلا أن أهم زوجاته كانت ماري تود. واشتهر في بداية دخوله المعترك السياسي بمعارضته الشديدة للحرب الأمريكية المكسيكية، التي عدها اعتداء صارخا على دولة مجاورة. إلا أنه بعد انتصار أمريكا الكبير وضمها لأراض واسعة مثل تكساس وكاليفورنيا، فقد تراجعت أسهمه بسبب مواقفه المعارضة للحرب، فانسحب من انتخابات المجلس التشريعي لعام 1848، وعاد إلى ممارسة المحاماة. وفي عام 1858 حصل على ترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات مجلس الشيوخ لتمثيل ولاية إلينوي، واشتهر في تلك الأثناء بالخطب النارية ضد مؤسسة الرقيق. واتهمه خصومه على اثر ذلك بمحاباة الزنوج. وعلى الرغم من الشهرة التي نالها وارتفاع شعبيته، إلا أنه خسر أمام مرشح الديموقراطيين. واشتدت حدة الخلاف بين ولايات الشمال والجنوب، وبين مناهضي الرق ومؤيديه. وتصعدت المواقف مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 1860. وكثر الحديث في الجنوب قبيل الانتخابات حول ضرورة الانفصال عن أمريكا للحفاظ على المصالح. وفي الجانب الآخر أدت شهرة لينكولن إلى ترشيحه من الحزب الجمهوري، الذي عده مرشحا معتدلا ومستعدا للوصول إلى تفاهم مع ولايات الجنوب. وعلى الرغم من عدم حصول لينكولن على أكثر من 40 % من أصوات الناخبين، وعلى الرغم من الانعدام شبه الكامل للأصوات المؤيدة له في ولايات الجنوب، إلا أنه نال منصب الرئاسة بسبب انقسام الأصوات الأخرى بين اثنين من المرشحين. فصار لينكولن بذلك أول رئيس لأمريكا من الحزب الجمهوري، الذي لا يزال يلقب ب«حزب لينكولن» إلى اليوم. وكان الكثير من الساسة ورجالات الإعلام والمجتمع في ولايات الجنوب هددوا قُبيل الانتخابات بالانفصال عن الدولة في حال فوز الجمهوريين بالرئاسة. وعلى الرغم من أن لينكولن كان «مرشح المعتدلين» في الحزب الجمهوري، إلا أن سكان الجنوب لم يروه كذلك. وما إن تم إعلان فوزه، حتى أعلنت ولاية ساوث كارولينا انفصالها. وتبعها في ذلك ست ولايات أخرى في أقصى الجنوب هي فلوريدا وجورجيا وألاباما ومسيسيبي وتكساس ولويزيانا. وكونت الولايات السبع دولة جديدة سمتها «الولايات الكونفدرالية الأمريكية». ولم يتمكن لينكولن من القيام بأي رد فعل تجاه الانفصال قبل 23 فبراير من عام 1861، حينما تسلم مهام الرئيس بشكل رسمي. وذهب إلى منصة التتويج متنكرا خوفا من الاغتيال. وكان لينكولن، القانوني المخضرم، يدرك أنه لا يوجد بند صريح في الدستور يمنع انفصال أي ولاية، خصوصا أن الاتحاد الأول تشكل بصورة طوعية بين الولايات التي أسست الدولة الاتحادية. إلا أنه رفض بشكل قاطع في خطاب تسلم الرئاسة بعد انتهاء مراسم التتويج، فكرة الانفصال. وبعد أيام من استسلام الجنوب، حضر لينكولن مع زوجته مسرحية بولاية ميريلاند في 14 إبريل عام 1865، يمثل فيها مجموعة من المتعاطفين مع قضية الانفصال، فقام أحدهم، جون ويلكس بوث، بإخراج مسدسه وأطلق النار في رأس لينكولن وأرداه قتيلا .