قبل أيام كنت أشاهد برنامجا قرر مقدمه أن يقدم حلقة عن قضية المرأة المطلقة، وكنت أعرف مسبقا أن كل ما يقال في هذا البرنامج أو غيره يذهب أدراج الرياح، لأن هناك جهات منتفعة من بقاء الوضع على ما هو عليه. للأسف، لم تكن السيدتان اللتان استضافهما المذيع متخصصتين أو ضليعتين في الشؤون الاجتماعية، وكان كلامهما في معظمه عبارة عن ذكر حالات فردية لاستدرار عطف الرجل معتقدتين أن الأمر بهذه السهولة. قضية المرأة، وخصوصا المرأة المطلقة، قضية عامة، ومن يحاول معالجتها بهذه الطريقة الرديئة يضر بها أكثر مما ينفعها، كنت أتوقع من مذيع البرنامج أن يستضيف من هن أكثر عمقا وعلما، ومن أفنين أعمارهن في خدمة قضية المرأة وحقوقها، وربما لم يجد منهن من تقبل الظهور لأنهن لم يعدن يتفاءلن بحل قريب الأجل. لا يجب أن نعالج قضايانا بهذه الطريقة المجانية التي تتم على عجالة قصوى لا تكاد تفهم موضوعا حتى يتم القفز إلى آخر بطريقة لا توحي بنقاش عميق أو أناس يبحثون عن حل، بل عن ظهور على حساب الكثير من المسكينات اللاتي يكابدن الجمرة الحقيقية للطلاق، كنا نقول دائما: إن الرجل المسؤول في كل جهة تخص حقوق المرأة، يجهل جهلا كبيرا الكثير من الخفايا التي تخصها، وأقرب مثال على ذلك عندما أصيب مذيع البرنامج بالذهول عندما عرف أن بعض مبالغ النفقة لا تتجاوز ثلاث مئة ريال! هذا وهو معد ومقدم برنامج يريد أن يناقش قضية تخص الطلاق ومشاكله، أي أنه جمع الكثير من المعلومات ليكون ملما عند مناقشة هذا الأمر، ولكنه رغم كل شيء لم يكن يعرف أن هناك من النساء عندما يطلقها زوجها تصبح عدو اللدود التي يحاول أن يذيقها الهوان والفقر، فكيف يكون عادلا معها في إعطائها نفقتها مع غياب القوانين التي تنصفها؟ رجال القانون يجب ألا يتجاهلوا المرأة الخبيرة عندما يريدون أن يتخذوا حكما يخص المرأة، وإلا فستكون الأمور معلقة ومجرد شكليات!