مع فتح باب التسجيل في كلية للبنات بمحافظة الليث، كان من الطبيعي أن تتضمن أوراق القبول استمارات عليها صور للطالبات المتقدمات، لكن غير الطبيعي أن كثيرا من ذوي الطالبات تولوا مهمة تصوير بناتهم، وبعضهم سافر مئات الكيلومترات بحثا عن استوديو تصوير تعمل فيه امرأة. حجة ذوي الطالبات هي عدم رغبتهم في أن يشاهد عامل التصوير بناتهم، وهذا حق لهم، لكن لماذا هذه الحساسية العالية المقرونة بسوء ظن مفرط، وكأن هذه الصور ستستخدم في غير محلها من قبل عامل التصوير. أزمة الصور في الليث انعكاس لحالة سعودية بامتياز، فالشعوب الأخرى ليست لديها تلك الحساسية التي تعاني منها فئات واسعة من مجتمعنا، فالآخرون لا يرفعون المسألة أعلى من كونها حرية شخصية، فمشاهدة وجه المرأة لا يثير في أنفسهم الريبة منها أو من أهلها. والوقوع تحت ضغط المجتمع هو ما يدفع من لا يمانع تصوير ابنته من تلقاء نفسه إلى أن يصورها في استوديو يتطلب الوصول إليه مشقة كبيرة، والسير وراء الممانع، حتى إن تطلب ذلك أن يسافر مئات الكيلومترات بحثا عن سيدة تعمل مصورة، هذا الضغط هو ما يوجد موافقة ومعارضة في آن واحد، وهو ما يكشف حالة التناقض التي يمارسها بعض الأفراد تجاه قضايا تمثل خيارات شخصية لا تدخل في دائرة الحلال والحرام حسب الاختلافات الفقهية المعترف بها بين العلماء المعتبرين. ما حدث في الليث، وإن حاول البعض إظهاره على أنه نابع من تقاليد وأعراف، مؤشر على أن هناك من نجح في تمرير رؤية ضيقة مقرونة باستنتاجات مسبقة يغلب عليها سوء الظن في كل من حوله بمن فيهم ذووه، وأن هذه الرؤى الضيقة تحولت في أذهان البسطاء إلى مثابة دين وعرف وتقاليد.