رسم أمير منطقة الرياض رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز، الأمير سلمان بن عبدالعزيز، صورا حية لمواقف تاريخية جسدت العدل والإيمان الصادق للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله، حيث يروي الابن عن أبيه الملك المربي والقدوة الحسنة حنكة وحكمة اشتملتا على كثير من الخصائص والخصال والقيم في حياته. وقال: «تاريخ الملك عبدالعزيز، رحمه الله، لا يقتصر على جوانب الكفاح وإنجازات التوحيد والبناء فحسب، التي هي مهمة ومعلومة للجميع، وإنما يتضمن جوانب كثيرة تبرز فيها شخصيته الإنسانية، وبما أنني واحد من أبنائه تربيت على يديه، فإن حديثي سيكون معتمدا على ما وعيته وسمعته وقرأته واطلعت عليه من روايات الثقات من كبار الأسرة ورجال عبدالعزيز». وحكى الأمير سلمان في محاضرة ألقاها في رحاب جامعة أم القرى خلال العام 1429ه ووثقتها الدارة في كتاب أصدرته أخيرا متضمنا المداخلات التي تمت بعدها تحت عنوان «ملامح إنسانية من سيرة الملك عبدالعزيز» في 112 صفحة من القطع المتوسط؛ حكى الأمير قصة منارة هادية للأجيال الآتية عن شخصية قائد صنع المجد، وأسس دولة المؤسسات والنظام، لها مكانتها إقليميا وعالميا، اقتصاديا وسياسيا، وفي كل المجالات، بعد أن ملأ اليقين قلبه فأصبح ملكا في كل خصلة من خصال الخير وشمائل الوفاء. وتحدث عن وحدة الوطن التي حققها الملك عبدالعزيز على أرض الجزيرة العربية، وعن علاقة الملك عبدالعزيز بوالده وتأدبه معه وتقديره له، مشيرا إلى أن الملك عبدالعزيز عندما تمكن من دخول الرياض استقبل والده قادما من الكويت وأعلن بكل أدب البيعة له في المسجد الجامع الكبير بالرياض حاكما على البلاد، إلا أن والده نهض معلنا البيعة لابنه لثقته به، فقبل الملك عبدالعزيز مشترطا جعل حق الرأي الأول في معالي الأمور المهمة لوالده الإمام، وغير ذلك من مواقف الاحترام والتقدير بين الأب والابن. وتطرق الأمير سلمان للتدين الذي كان من أسباب نجاح الملك عبدالعزيز في تحقيق ما هدف إليه من إعادة تأسيس الدولة السعودية ونشر الأمن والاستقرار بعون الله، وكانت مجالسه تحفل بقراءة القرآن الكريم والمصادر الشرعية والتراثية من قبل علماء أجلاء ويعلق الملك ويتأمل المعاني، كما كان لا يقبل أي ممارسات مخالفة للشريعة. وألمح إلى اهتمامه بأسرته وبالمرأة وسعيه الدائم للعدل والإنصاف بين الجميع، مع ما كان يتمتع به من العطف والكرم، إذ كان يعطف على الناس ويتفقد شؤونهم ويتولى بنفسه توزيع الصدقات وأسرته مستشهدا بالعديد من الوثائق. وعرض الكتاب المدعم بالعديد من الصور والوثائق التاريخية، جوانب إنسانية من شخصية الملك عبدالعزيز التي بنيت على الاقتداء بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وإخلاص العبادة لله تعالى وحده والتقرب إليه بأنواع كثيرة من الطاعات والحرص على أمته الإسلامية وجمع ما تفرق منها، ونشر الأمن والاستقرار والعدل. وختم الأمير سلمان بالحديث عن عناية الملك عبدالعزيز بمكةالمكرمة وحرصه على أن تشهد أرضها المباركة أحداثا مهمة كانت أساسا للبناء الحضاري الذي شهدته المملكة فيما بعد حيث بلغ من بر المليك بالبلد وأهله وثاقب فكره أن أسند كثيرا من مهام الإصلاح والتنظيم والتطوير إلى رجالات البلد الذين التفوا حوله. ومن عالي همته وسديد حكمته، رحمه الله، أنه بادر بإقامة المؤسسات التعليمية والثقافية والمراكز التنظيمية، فكان مما سارع إلى إنشائه مجلس الوكلاء فمجلس الشورى ثم أسس صحيفة أم القرى، ولم يكد يمضي إلا بعض عام من دخوله مكةالمكرمة حتى أسس أول مديرية للمعارف العامة، وعددا من المدارس منها المعهد العلمي السعودي، وتتابع بعد ذلك افتتاح المدارس والمعاهد لتتوج في العام 1369ه بافتتاح كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، ثم كلية المعلمين في العام 1372ه التي أصبحت كلية التربية فيما بعد، وهما نواة جامعة أم القرى والمنطلق الأول للتعليم العالي بالمملكة.